للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلاهُما يدخل الجنَّة)) (١)، وقوله: ((عجِب ربُّنا من قنوط عبادِه وقرب غيره ينظر إليكم أزلين قنِطِين فيظل يضحك يعلم أنَّ فرجكم قريب)) (٢)، إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر فيها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ربِّه بما يخبر به.

فإنَّ الفرقة النَّاجية - أهل السنَّة والجماعة - يُؤْمنون بذلك كما يؤمنون بِما أخبر الله به في كتابِه العزيز، من غير تحريفٍ ولا تعطيلٍ، ومن غير تكييفٍ ولا تمثيل، بل هم الوسط في فرق الأمَّة كما أنَّ الأمة هي الوسط في الأمم، فهم وسط في باب صفات الله - سبحانه وتعالى - بين أهل التَّعطيل الجهميَّة، وأهل التَّمثيل المشبِّهة" (٣). اهـ.

"فنفي حقائق أسمائه وصفاته متضمّن للتَّعطيل والتَّشبيه، وإثبات حقائقها على وجْه الكمال الَّذي لا يستحقُّه سواه هو حقيقة التَّوحيد والتنزيه، فالمعطّل جاحد لكمال المعبود والممثّل مشبّه له بالعبيد، والموحد مبينٌ لحقائق أسمائه وكمال أوْصافه، وذلك قطب رحى التَّوحيد، فالمعطّل يعبد عدمًا، والممثِّل يعبد صنمًا، والموحّد يعبد ربًّا ليس كمثله شيءٌ، له الأسماء الحسنى والصّفات العلى، وسِع كلَّ شيء رحمةً وعلمًا" (٤).

"لذلك فإنَّ: إثبات صفات الكمال هو أصل التَّوحيد" (٥).

يقول الشَّيخ محمَّد بن عبدالوهَّاب - رحمه الله -: "فمَن أنكر الصفات فهو معطّل، والمعطّل شرّ من المشرك؛ ولهذا كان السَّلف يسمّون التَّصانيف في إثبات الصّفات كتب التَّوحيد، وختمَ البخاري صحيحه بذلك؛ قال: كتاب التَّوحيد، ثمَّ ذكر الصفات بابًا بابًا، فنكْتة المسألة أنَّ المتكلمين يقولون: التَّوحيد لا يتم إلاَّ بإنكار الصّفات، فقال أهل السنَّة: لا يتمّ التَّوحيد إلاَّ بإثبات الصفات، وتوحيدكم هو التَّعطيل؛ ولهذا آل هذا القولُ ببعضهم إلى إنكار الرَّبّ -


(١) رواه البخاري في كتاب: الجهاد والسير، باب: الكافر يقتل المسلم ثم يسلم، برقم (٢٦١٤)، ورواه مسلم في كتاب: الإمارة، باب: بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، برقم (٣٥٠٤).
(٢) رواه الإمام أحمد في مسنده (٤/ ١٢) وابن ماجة، في كتاب المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية برقم (١٨١)، ورواه ابن خزيمة في التوحيد (ص ٢٣٥)، وابن أبى عاصم في السنة رقم (٥٥٤) والبيهقي في الأسماء والصفات ص (٤٧٣). والحديث حسنه الألباني في الصحيحة برقم (٢٨١٠).
(٣) مجموع الفتاوى (٣/ ١٣٨ - ١٤١).
(٤) الصواعق المرسلة (١/ ١٤٧).
(٥) إغاثة اللهفان (٢/ ٥٨٨).

<<  <   >  >>