للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأسس الكلية والمبادئ العامة، فالحسن ما حسنه الشرع، والقبيح ما قبحه، والحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه (١)،

والتكليف والإلزام من عند الله دون سواه (٢).

لذا فالوسطية والاعتدال بريئان من الهوى، ويعتمدان على العلم الراسخ، والعلم إما أن يكون نصاً من كتاب أو سنة، أو استدلالاً صحيحاً فيما لم يرد فيه نص، ويكون من اجتهادات أهل العلم الراسخين في ذلك مع مراعاة الخلاف فيما لا قطع فيه، فاعتماد الوسطية على العلم الراسخ الصحيح مظهر من مظاهرها وسمة من سماتها (٣)، وهذا هو ما عليه أهل السنة والجماعة.

فيما نجد أن هناك طوائف تتكرر في كل زمان، لا تقر بغير القرآن مصدراً، فيجرها ذلك إلى إنكار السنة أو بعضها (٤)،

وعدم الانقياد لها، أو جهلها وإهمالها، فحين أهملوا سنته - صلى الله عليه وسلم - فقد عملوا بمتشابه القرآن، وعموماته ومطلقاته التي تحتاج إلى سنته - صلى الله عليه وسلم - لترفع تشابهها، أو تخصيص يخصص عمومها، أو قيد يقيد مطلقها، ولعلها الفئة التي أشار إليها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بقوله: ((إنه سيأتي أناس يأخذونكم بشبهات القرآن، فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله)) (٥).

والمتأمل في كثير من مسائل الضلالة، يجدها تعود إلى هذا الباب (٦).


(١) فمن وجد فكره بعيداً عن الوحي عليه أن يذهب إليه لا أن يجر الوحي إليه.

ينظر: أسطر في النقل والعقل والفكر (ص ٢٤٢).
(٢) ينظر: الإسلام مقاصده وخصائصه، لمحمد عقله، (ص ٢٤).
(٣) الوسطية في الإسلام وأثرها في الوقاية من الجريمة، رسالة ماجستير لـ عبد العزيز عثمان شيخ محمد، (ص ٥٣).
(٤) والقول بعدم جواز الاحتجاج بأحاديث الآحاد قول مبتدع أحدثته الجهمية والمعتزلة لكي تسلم لهم أصولهم الفاسدة التي أصَّلوها في باب أفعال الله وأسمائه وصفاته تبارك وتعالى، ولما رأوا أن هذه الأخبار لا توافق ما ذهبوا إليه، قالوا: هذه أخبار آحاد ولا تفيد القطع، والعقائد لا بد فيها من القطع واليقين! .

ينظر: الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي (ص ٧٢)، والتمهيد لابن عبد البر (١/ ٢)، ولوامع الأنوار البهية (١/ ١٩)، والمسودة في أصول الفقه لآل تيمية (ص ٢٤٨)، ومجموع الفتاوى (٢٠/ ٢٥٩ - ٢٦٣)، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (٢/ ٥٤٠ - ٥٤٣)
(٥) شرح السنة للبغوي (١/ ١٩٢) ت صقر.
(٦) ينظر: بحوث ندوة أثر القرآن في تحقيق الوسطية ودفع الغلو، المحور الأول: مظاهر الوسطية في الإسلام د. سليمان بن إبراهيم العايد (ص ٤٧).

<<  <   >  >>