(٢) إن أسلوب الطعن في العلماء قرة عين لأعداء الإسلام؛ لأنه ينشئ جيلاً بلا قادة، وهل رأينا جيلاً بلا قادة قد أفلح؟ لذا فقد حذر العلماء من خطورة الطعن في العلماء العاملين على المسلمين؛ قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين (٣/ ٢٢٠): "ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعًا أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالحة وآثار حسنة, وهو من الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور, بل مأجور لاجتهاده, فلا يجوز أن يُتبع فيها, ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته في قلوب المسلمين"؛ فمن يبقى لأمة الإسلام إذا طُعن في علمائهم؟ ، إن أسوأ ما في الأمم السابقة علماؤهم وأحبارهم, فقد كثر فيهم الضالون المضلون, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ} [التوبة: ٣٤]. وأفضل ما في الإسلام علماؤه الربانيون العاملون، قال الشعبي: كل أمة علماؤها شرارها إلا المسلمين، فإن علماءها خيارها، ووضح ذلك ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٧/ ٢٨٤) فقال: "وذلك أن كل أمة غير المسلمين فهم ضالون، وإنما يضلهم علماؤهم، فعلماؤهم شرارهم، والمسلمون على هدى وإنما يتبين الهدى بعلمائهم، فعلماؤهم خيارهم". (٣) ينظر: التحذير من الغلو في ضوء القرآن والسنة، أ. د. بدر بن ناصر البدر، مؤتمر ظاهرة التكفير (٥/ ٢٥٧٣). (٤) ينظر: الرد على المنطقيين (ص ٤٨٢) وما بعدها، ونقض المنطق (ص ٣٥)، ودرء التعارض (٣/ ٣٠٣). (٥) وهذا الاعتماد على العقل وتقديسه أدى بهم إلى عكس النتيجة التي كانوا يرمون إليها، فهم يريدون الوصول إلى اليقين القاطع من خلال أدلتهم العقلية، فإذا بهم يجدون أنفسهم في قمة الشك والحيرة، وهذا بشهادة علمائهم وكبرائهم. فليت السائرين على منهجهم، المقتفين آثارهم، يتعظون بهم، وما وصلوا إليه من الانحراف والضياع، ويعيدون النظر فيما عندهم، فينقادون لشرع الله وهديه. ينظر: التيار العقلي لدى المعتزلة، د. سهل بن رفاع العتيبي (ص ٣٧٤) ضمن مجلة كلية دار العلوم العدد (٤٠).