للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهم يحاولون إيهام الناس أنهم إنما أرادوا من تعطيل الله - عز وجل - عن الاتصاف بصفاته العلا، تنزيهه - عز وجل - عن أن يكون جسماً، أو أن تحل به الحوادث (١).

٧ - كما أنهم زعموا أنه إذا أُثبِت لله - عز وجل - الأسماء، لزم من ذلك إثبات الصفات، وهي المعاني التي اشتقت منها هذه الأسماء، وهو محال؛ لأن مذهبهم قائم على نفي جميع الصفات الثبوتية، وأن الله - عز وجل - لا يوصف إلا بصفة سلبية أو إضافية أو مركبة منهما (٢).

٨ - دعواهم أن وجود الله - عز وجل - هو وجودٌ مطلق لا بشرط (٣)، ومرادهم من الشرط هو التقيد باسم أو صفة تجعله متميزاً عن غيره، وإنما حقيقة وجوده هو وجود الأشياء كلها، ووجودها عين وجوده، ما ثمة فرق إلا بالإطلاق والتقييد؛ فيقال: هذا خالق وهذا مخلوق وهذا سماء وهذه أرض، وحقيقة وجود الكل واحدة، فأسماؤه -سبحانه وتعالى- تعطى لك أحد؛ لأن وجوده هو عين وجودها (٤).

٩ - إن الانحراف في مصدر التلقي ومنهج الاستدلال بالنصوص من الكتاب والسنة نتج عنه انحراف عند المعطلة في مفهوم التوحيد الذي جاءت به الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم-، من إفراد الله - عز وجل - بالعبادة، إلى الخوض في الجواهر والأعراض وتقرير وجود الله - عز وجل - بالأدلة العقلية المعقدة التي لا يفهمها معظم الخواص فضلاً عن العوام، على ما بينهم من اختلاف في تقرير مقدمات الأدلة التي يستدلون بها، وتعطيل الله - عز وجل - عن كماله المقدس بنفي أسمائه الحسنى وصفاته العلا.

١٠ - تعطيل الله - عز وجل - عن صفاته العلا وأسمائه الحسنى، حتى أدى بهم هذا التفريط، إلى سوء الظن بالله - عز وجل -، وهو من أكبر الذنوب.


(١) ينظر: درء التعارض (٢/ ١١ - ١٢).
(٢) ينظر: جهود شيخ الإسلام في باب أسماء الله الحسنى (ص ٨١٠)، وينظر: مجموع الفتاوى (٦/ ٣٥)، والتدمرية (١٢ - ١٦).
(٣) وهذا قول ملاحدة الصوفية، حيث جعلوا الله هو الوجود من حيث هو هو، مع قطع النظر عن كونه واجباً وممكناً، وواحداً وكثيراً.
ينظر: درء التعارض (١/ ٢٩٠).
(٤) ينظر: الصفدية (١/ ١١٦ - ١١٧)، مجموع الفتاوى (٢/ ٢٦)، (٢/ ٣٨).

<<  <   >  >>