للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أنهم شبهوا المخلوق بالخالق، ودعواهم أن الإنسان "هو خليفة الله، استخلفه؛ بأن جعل فيه من أسمائه وصفاته ما ضاهى به الحضرة الإلهية، وهؤلاء طائفتان: طائفة تثبت الرب وراء العالم، وتجعل الإنسان خليفة لله.

وطائفة أخرى لا تثبت للرب وجوداً غير العالم، بل يجعلونه هو وجود العالم، ويجعلون الإنسان نسخة ذلك الوجود ومختصره، فهو الخليفة الجامع فيه" (١).

قال ابن القيم - رحمه الله -: "حقيقة الشرك هو:

١ ـ التشبه بالخالق.

٢ ـ التشبيه للمخلوق به، هذا هو التشبيه في الحقيقة" (٢).

وإذا كان التشبيه هو حقيقة الشرك كما ذكر ابن القيم - رحمه الله -، فإن التشبيه يقع في أقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية (٣)،


(١) بيان تلبيس الجهمية (٦/ ٥٧٧)، جهود شيخ الإسلام ابن تيمية في باب أسماء الله الحسنى (ص ٩٣٩).
(٢) الجواب الكافي (١٥٩).
(٣) أما التمثيل في جانب الربوبية، فينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: التشبيه للمخلوق به، ومثاله:
١ ـ شرك القدرية القائلين بأن العبد هو الذي يخلق أفعال نفسه، وأنها تحدث بدون مشيئة الله وقدرته.

٢ ـ شرك غلاة عباد القبور الذين يعتقدون في أصحاب القبور أنهم يتصرفون وينفعون ويضرون من دون الله.
ولا شك أن من خصائص الرب التفرد بملك الضر والنفع والعطاء والمنع، وذلك يوجب تعليق الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل به وحده. فمن علق ذلك بمخلوق فقد شبهه بالخالق، وجعل ما لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، -فضلاً عن غيره- شبيهاً لمن له الأمر كله، فأزمة الأمور كلها بيده، ومرجعها إليه، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع. فمن أقبح التشبيه: تشبيه هذا العاجز الفقير بالذات، بالقادر الغني بالذات.
القسم الثاني: التشبه بالخالق، ومن أمثلته:
١ ـ من تعاظم وتكبر ودعا الناس إلى إطرائه في المدح والتعظيم.
ففي الصحيح عنه رضي الله عنه قال: "يقول الله عز وجل: العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحداً منهما عذبته".
ينظر: الجواب الكافي (ص ١٥٩ - ١٦٠).

<<  <   >  >>