للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - التزام أحكامها ما لم تنسخ، وعلى هذا، فلا يلزمنا أن نلتزم بأحكام الكتب السابقة; لأنها كلها منسوخة بالقرآن، إلا ما أقره القرآن. وكذلك لا يلزمنا العمل بما نسخ في القرآن; لأن القرآن فيه أشياء منسوخة (١).

لذا فإن الإيمان بهذه الكتب -أي بجنسها-قبل أن يصيبها ما أصابها واجب على المؤمنين. قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١٣٦)} النساء: ١٣٦.

"وجمهور المفسرين على أن الخطاب فيها للمؤمنين كافة، أمرهم الله أن يجمعوا بين الإيمان به وبرسوله الأعظم خاتم النبيين والقرآن الذي نزل عليه وبين الإيمان بجنس الكتب التي نزلها على رسله من قبل بعثة خاتم النبيين، بأن يعلموا أن الله قد بعث قبله رسلاً، وأنزل عليهم كتباً، وأنه لم يترك عباده في الزمن الماضي سدى، محرومين من البينات والهدى، ولا يقتضي ذلك أن يعرفوا أعيان تلك الكتب ولا أن تكون موجودة، ولا أن يكون الموجود منها صحيحاً غير محرف" (٢).

كما أنه "معلوم من دلالات نصوص الوحيين، أن الإيمان قول القلب واللسان والجوارح، والإيمان بالكتب يجري على هذه الثلاث، فهو إيمان القلب واللسان والجوارح بالكتب:

أما صورة إيمان القلب بالكتب، فهي: اعتقاده أنها منزلة من عند الله، وهي كلامه ووحيه لأنبيائه، منه بدأ، ليست من إنشاء الرسل، واعتقاد أنها تضمنت مراد الله من خلقه اعتقاداً وشريعة وسلوكاً، واعتقاد وجوب العمل بمقتضاها وتعبد الله به.

وأما صورة إيمان اللسان، فهي: الإقرار بذلك الذي اعتقده القلب، والإخبار عنه، والشهادة به.

وأما صورة إيمان الجوارح، فهي: امتثالها أوامر الله في كتبه، وكفها عن نواهيها، وتأدبها بآدابها" (٣).


(١) القول المفيد على كتاب التوحيد (٢/ ٤١٠).
(٢) تفسير المنار لرشيد رضا (٥/ ٤٥٩).
(٣) الإيمان بالكتب، أ. د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني (ص ٣)، ضمن مجلة التوحيد الصادرة عن جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر عدد (٤٤٥)، ١٤٣٠ هـ.

<<  <   >  >>