للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو محفوظ بحفظ الله - عز وجل - إلى قيام الساعة، شاهدٌ على هذه الكتب، مبين ما حُرف منها، وحاكم بما أقره الله وأمر به من أحكامها، وناسخ ما نسخه الله منها، وهو أمين عليها في ذلك كله (١).

من أجل ذلك فإن المرجع إلى جميع الكتب الإلهية ومصدرها الوحيد المأمون "القرآن الكريم"؛ لأنه أُنزِل مصدقاً لما قبله من الكتب السماوية ومهيمنا عليها، يثبت منها ما شاء الله إثباته وينسخ منها ما شاء سبحانه (٢)، وهو محفوظ من التغيير والتحريف بحفظه - عز وجل -، فسلم من الزيادة فيه والإضافة عليه والنقص منه وتحريفه وتبديله مصداقاً لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} الحجر: ٩، لذا يجب الإيمان بأنه أفضل الكتب وأعظمها، وأعلاها منزلة وأشرفها، وأنه المهيمن عليها المصدق لها، وأن الله قد تكفل بحفظه من التغيير والتبديل والتحريف، كما قال - عز وجل -: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} فصلت: ٤١ - ٤٢، وكذلك يجب الإقرار به، واتباع ما فيه، بفعل أوامره واجتناب منهياته، وتصديق أخباره (٣).

وجملة القول: أن علاقة القرآن الكريم بالكتب السماوية في حالتها الأولى -التي نزلت بها-هي التصديق والتأييد الكلي، وأن علاقته بها في حالتها الثانية -بعد التحريف-علاقة تصديق لما بقي منها على أصله وتصحيح لما طرأ عليها من تحريف وتبديل (٤).

والواجب على المسلم الإيمان بالأصول الأولى التي أنزلت على النبيين على الوجه الذي تقدم ذكره في صفة الإيمان بالكتب، وأن يعتقد أنها لم تبق كما أنزلت بل دخلها التحريف والتبديل، فاختلط ما أنزل فيها من الله مع ما أحدث فيها، وعليه فما دل كتابنا على صحته وصدقه مما فيها فهو مما أنزل الله، وما دل كتابنا على بطلانه وكذبه بدليل من كتابنا فالمنهج فيه ما في حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم)) (٥).


(١) ينظر: المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع، عدد من الباحثين (ص ٧٥٢).
(٢) فتاوى اللجنة (٣/ ٣٣٧).
(٣) ينظر: شرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٤٢٥).
(٤) ينظر: الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير للدكتور رمزي نعناعة (ص ٢٦ - ٣٠).
(٥) أخرجه البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء)) برقم (٧٣٦٢).

<<  <   >  >>