ت إخباره سبحانه بأن الإيمان بالكتب من البر، قال سبحانه:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} البقرة: ١٧٧، والبر من الأسماء الجامعة لما يحبه الله ويرضاه.
ث إخباره سبحانه أن النبي والمؤمنين يؤمنون بالكتب في معرض الثناء عليهم وتسجيل صفات الإيمان لهم التي بها يستحق العبد صفة الإيمان وحكمه، قال سبحانه:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} البقرة: ٢٨٥.
ج- إخباره سبحانه بأن تكذيب المكذبين وكفرهم إنما كان لجحودهم بالكتب، فمن جحد بالكتب كفر وخرج من الملة، فظهر ملازمة وجوب الإيمان بالكتب للإيمان، قال سبحانه: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (١٨٤)} آل عمران: ١٨٤، أي جاءتهم الرسل بالكتب ولكنهم كذبوا بها.
ح- إخباره سبحانه بأن الكفر بالكتب ضلال بعيد، قال سبحانه: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١٣٦)} النساء: ١٣٦، فوصف من كفر بالكتب بأنه "قد ضل" و (قد) للتحقيق، ثم لم يكتف بهذا حتى أكده بالمصدر فقال:"ضلالاً" ثم لم يكتف بهذا حتى أكد المصدر بوصفه فقال: "بعيداً" وهو دليل مقرر لكون الإيمان بالكتب واجب.
خ- إخباره سبحانه عن جزاء المكذبين بالكتب، قال سبحانه: {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢)} غافر: ٧٠ - ٧٢، وفي هذا دلالة على وجوب الإيمان بالكتب (١).
ومن أجل ما سبق، ولحكم أخرى يعلمها الله، كان الإيمان بالكتب السماوية ضرورة حتمية -وحاجة ضرورية لا غنى للبشر عنها-؛ لأنه تعالى أنزل كتبه على رسله لتنذر وتبشر وتعظ وترشد وتأمر وتنهى وتهدي الناس إلى الصراط المستقيم، وتحكم بينهم فيما اختلفوا فيه،
(١) ينظر: الإيمان بالكتب، أ. د. محمد أبو سيف (ص ٦ - ٨).