للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١)} النساء: ١٥٠ - ١٥١، فسجل سبحانه على المفرقين بين الرسل ورسالاتهم وكتبهم فعل الكفر، فقال " يَكْفُرُونَ " ووصفهم فقال: " أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ " وحقق تسجيل وصفهم بالكفر بقوله: " حَقًّا " ثم توعدهم سبحانه.

وإنما كان الكفر ببعض كتب الله مع الإيمان ببعضها "كفراً بها جميعاً ونقضاً لأصلِ الإيمان"، لثلاثة أوجه:

١ - أن جميع كتب الله مصدرها واحد، فهي منزلة من عند الله فلا وجه للتفريق بينها، فمن كفر بواحد منها كان هذا كفراً بالجنس الذي اجتمعت عليه، وعاد على جميع الكتب بالكفر. وهذا الوجه ينبه عليه قوله تعالى: {وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ} الشورى: ١٥، وقوله: {وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦)} البقرة: ١٣٦.

٢ - أن جميع كتب الله اشتملت على أصول اعتقادية وعملية واحدة، وهي جميعها على ملة واحدة، فمن كفر بواحد منها يكون هذا كفراً بالملة التي اشتمل عليها ذات الكتاب الذي ادعى الإيمان به. وكتب الله يصدق بعضها بعضاً فالكفر بواحد منها كفر بالباقي، وينبه إلى هذا الوجه قوله سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩١)} البقرة: ٩١، قوله: " وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ " تعليل لكفرهم.

٣ - أن كل كتاب من كتب الله أمر بالإيمان بجميع كتب الله. فإن الإيمان بالكتب من أصول الإيمان التي جاءت بها الملة على لسان كل رسول، فمن كفر بواحد من كتب الله يكون قد كفر بما أمر به في الكتاب الذي ادعى الإيمان به.

هذا ويمكن أن يقال بأن التفريق بين كتب الله في الإيمان يرد من جهتين، من جهة التنزيل، وهذا ككفر اليهود بالقرآن مع إيمانهم بالتوراة فإنهم أنكروا أن يكون القرآن منزلاً

<<  <   >  >>