للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شراً، إذ هو سبحانه لا ينتفع بطاعتهم ولا يتضرر بمعصيتهم (١)، كما أننا نجد في العصر الحديث من جعل النبوة صفة لا تزيد على مرتبة العبقرية، كما عند بعض الكتّاب والأدباء والفلاسفة (٢)، بل إن موقف الفرق عموماً من هذا الركن قد حصل فيه خلل من قريب أو بعيد (٣)، ويمكن إجمال أسباب انحراف الفرق في الإيمان بالرسل، إلى سببين رئيسين هما:

١ - الخلل في توحيد الربوبية، وعدم تعظيم الله - عز وجل -، ما أدى بقوم إلى صرف الربوبية للرسل، وبقوم آخرين إلى إنكار حكمة الله - عز وجل - من إرساله لرسله عليهم السلام.

٢ - الاشتباه الحاصل في معنى تجريد المتابعة للرسل (٤)،

واعتمادهم على العقل (٥) في ذلك، ولا ريب أنه نحى ببعضهم إلى الغلو فيما نحى بآخرين إلى الجفاء.

ومن أجل هذا فقد، انقسم الناس إلى طرفين متقابلين، طرف انتهج الغلو والإفراط والزيادة! ! وطرف سلك طريق التقصير والتفريط والنقصان! . وبيان ذلك في المطلبين الآتيين.


(١) الحكمة من إرسال الرسل، عبد الرزاق عفيفي (ص ١٥).
(٢) النبوة عند الشيخ محمد عبده غير النبوة المعروفة في الإسلام، إذ أنه يعرف النبي بأنه: "إنسان فطر على الحق علماً وعملاً، بحيث لا يعلم إلا حقاً ولا يعمل إلا حقاً على مقتضى الحكمة ... ". ينظر: موقف العقل لمصطفى صبري (١/ ٢٩ - ٣٠)، ومنهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة (ص ٦٧٥).
(٣) تناقض أهل الأهواء والبدع في العقيدة (١/ ٣٤٣ - ٣٤٥).
(٤) تجريد المتابعة يكون بمتابعة الرسل في العقائد والعبادات والأخلاق والمناهج، ومتابعتهم في كل صغيرة وكبيرة، فلا يتبعهم في بعض هديهم، ويخالفهم فيما سواه.

ينظر: تجريد المتابعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بين السلف والمخالفين، د. سيرين المان انجاي (١/ ٣٠).
(٥) يمكن تشبيه العقل بدون وحي كالعين بدون نور، فكما أن العين لا تبصر إلا بوجود النور فكذلك العقل لا يمكن أن يعرف الحق من الباطل ويميز بين الهدى والضلال إلا إذا جاء الوحي.

<<  <   >  >>