للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورغم ما وصلت إليه البشرية من التطور الهائل، ومع ذلك فلا يزال كثير من سكان الأرض يعبدون غير الله - عز وجل -، فمنهم من لا يزال يعبد التماثيل والأحجار ومنهم من يعبد الأبقار والشيطان، بل عَبَدَ بعض الناس فروج النساء وتخبطت البشرية في هذا الجانب.

٤ - تفاوت العقول واختلافها:

ومما يجعل العقول عاجزة عن هداية الخلق وإرشادهم أن العقول مختلفة ومتفاوتة ولكل عقل منها رأي في القضايا المطروحة عليه، فما هو العقل الذي نعتمد عليه في حسم الخلافات، وما هو المعيار في كون عقل فلان صواباً، وعقل فلان خطأ؟ إنه لا جواب لمثل هذه الأسئلة إلا ببعثة الرسل فهم الذين يرشدون البشر ويهدون العقول ويحكمون بالخطأ والصواب على معتقدات الناس وأفعالهم.

٥ - عجز العقل عن وضع منهج صحيح للحياة:

إن العقل يدرك الحسن والقبح في بعض الجوانب من حيث الجملة ولكنه عاجز عن إدراك جميع جوانب الحسن والقبح، كما أنه أيضاً عاجز عن إدراك الأحكام الجزئية ووضع التشريعات المناسبة الصحيحة لتلك الجزئيات.

وكذلك لا يستطيع العقل أن يدرك تفاصيل العبادة التي يريدها الله من خلقه ولأجلها خلقهم، مثل تفاصيل الصلاة والصيام والزكاة والذكر وغيره من أنواع العبادات. وهكذا في جانب التشريعات التي يحتاج إليها البشر في حياتهم مثل جانب السياسة والاقتصاد والاجتماع وأمور السلم والحرب والعلاقات بين الدول، كل ذلك مما يعجز العقل عن إدراكه.

والذي جلب لهم هذا الخلط والاضطراب: توهمهم أن هناك معارضة بين العقل والنقل، وذلك لِما اعتقدوه من أن العقل مقدس ومنزه عن الخطأ، فنفوا وعطلوا وأولوا ما أتت به الرسل من النقل، ولم يرفعوا به رأساً، بل ركنوا إلى قواعدهم العقلية وأصولهم الفلسفية، وجعلوها عمدة في ردّ ما ورد به الشرع بدعوى معارضته لها (١).


(١) ينظر: النفي في باب صفات الله - عز وجل - (ص ٩١ - ٩٢)، وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - كتابه الكبير: "درء تعارض العقل والنقل" في إبطال هذه الدعوى.

<<  <   >  >>