للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- عليهما السلام - تدريساً أو دفاعاً عنه عند وجود الدواعي لذلك دون التزام حال معينة أو زمان أو مكان معين وإنما البدعة التزام زمن أو مكان بعينه يعتبر موسماً ويعتاد الناس الاجتماع فيه شأنهم فيه كشأنهم في الأعياد بل هذا ربما أدى إلى الغلو في إعظام النبي - عليهما السلام - وإطرائه وقد نهى عن ذلك فقال: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم) (١) " (٢).

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " اتخاذ هذا اليوم عيداً محدث لا أصل له فلم يكن في السلف لا من أهل البيت ولا من غيرهم من اتخذ ذلك عيدا حتى يحدث فيه أعمالا إذ الأعياد شريعة من الشرائع فيجب فيها الاتباع لا الابتداع وللنبي - عليهما السلام - خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة مثل يوم بدر وحنين والخندق وفتح مكة ووقت هجرته ودخوله المدينة وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعياداً وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعيادا أو اليهود وإنما العيد شريعة فما شرعه الله اتبع وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي - عليهما السلام - وتعظيما له والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع من اتخاذ مولد النبي - عليهما السلام - عيدا مع اختلاف الناس في مولده فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله - عليهما السلام - وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنا وظاهرا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان" (٣).


(١) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (١٦)} مريم: ١٦، برقم (٣٤٤٥).
(٢) مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي (ص ٢٠٢).
(٣) اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٢٩٤ - ٢٩٥)، وينظر: المورد في عمل المولد للفاكهاني، وحكم الاحتفال بالمولد النبوي والرد على من أجازه لمحمد بن إبراهيم، حكم الاحتفال بالمولد النبوي عبدالعزيز بن باز، الرد القوي على الرفاعي والمجهول وابن علوي وبيان أخطائهم في المولد النبوي لحمود التويجري، الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف لأبي بكر الجزائري، والقول الفصل في حكم التوسل بخير الرسل لإسماعيل الأنصاري، الاحتفال بالمولد بين الاتباع والابتداع لمحمد بن سعد شقير.

<<  <   >  >>