للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يمكن تكليف من لا ينسب إليه الفعل نسبة حقيقية، والإخلال بهذا مفضٍ إلى جعل القدر حجة في باب المعصية، والأمر ليس كذلك، فليس لأحد أن يحتج بالقدر على معاصيه، بل عليه التوبة والاستغفار، وإنما يحتج بالقدر في باب المصائب لا المعائب؛ فليس لأحد حجة على الله (١).

لذا يفرق الإمام ابن القيم بين ما يضاف إلى قدرة الله تعالى وما يضاف إلى قدرة العبد من أفعال العباد، فيقول: " يضاف الفعل إلى قدرة العبد إضافة السبب إلى مسببه، ويضاف إلى قدرة الرب إضافة المخلوق إلى الخالق، فلا يمتنع وقوع مقدور بين قادرين، قدرة أحدهما أثر لقدرة الآخر ... وإذا عرف هذا فنقول: الفعل وقع بقدرة الرب خلقاً وتكويناً، كما وقعت سائر المخلوقات بقدرته وتكوينه، وبقدرة العبد سبباً ومباشرة، فالقدرة الحادثة وأثرها واقعان بقدرة الرب ومشيئته" (٢).

يتضح لنا مما سبق تفرد منهج أهل السنة بأنه وسط بين هذه البدع المتقابلة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " وهم -أي: أهل السنة- وسط في باب أفعال الله تعالى بين القدرية والجبرية" (٣).


(١) ينظر: الاستقامة (٢/ ٧٨ - ٧٩).
(٢) شفاء العليل، (١/ ٤٢٨ - ٤٢٩).
(٣) العقيدة الواسطية -ضمن مجموع الفتاوى- (٣/ ١٤١).

<<  <   >  >>