للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما يتجارى الكلب بصاحبه)) (١).

فقد تطورت الخوارج إلى أن زادت على أصولها الباطلة، حتى قالت بأقوال الجهمية والمعتزلة؛ وتطورت الشيعة إلى القول بالتشبيه ثم الاعتزال والتجهم، ثم الباطنية، والخروج من أصول الإسلام أصلاً أصلاً، وتجريم السلف الصالح بما فيهم الصحابة والقول بردتهم؛ وتطورت الصوفية من مجرد مخالفات وشطحات في العبادة والسلوك إلى مناهج ومذاهب إلحادية وباطنية وفلسفية وبدعية ضالة؛ وتحولت القدرية إلى معتزلة وجهمية وانصهرت فيها؛ أما أصول المعتزلة ومناهجهم فقد انصهرت بقوالب أخرى في أصول أهل الكلام ومناهجهم، وتوزعتها فرق الرافضة والخوارج ومتكلمة الأشاعرة ونحوهم؛ وكذلك الجبر كان في الجهمية، وهي الجبرية الخالصة الغالية، ثم صار الجبر في الصوفية وأهل الكلام، أما الأشاعرة والماتريدية (أهل الكلام) فقد تحولت من فرق كلامية خالصة إلى مناهج خصومها من الجهمية والمعتزلة وانتهى بها المطاف إلى أن أصبحت -في الغالب- فرقاً كلامية، وفلسفية، وصوفية، مقابرية ... ثم ظهرت الشعارات الحديثة كالقوميات، والحزبيات، والطائفية، والشعوبية، والعلمنة، والحداثة، والاتجاهات الفكرية، والأدبية والثقافية والسياسية، والفنية .. وكلها تدور في فلك أصول الأهواء القديمة، وتزيد عليها ضلالات المناهج الغربية الحديثة وانحرافاتها وكفرياتها -كفى الله المسلمين شرورهم، وشر كل كائد- (٢).

ولا ريب أن كل انحراف وذل وهزيمة وفرقة في حياتنا، لا يزيد عن شيء واحد هو البعد عن منهج أهل السنة والجماعة في العقيدة والسلوك وسبيل الإصلاح.

وتبين مما سبق ذكره من الآثار المترتبة على البدع المتقابلة، ما يدل دلالة واضحة على الفساد الذي أعقبته البدع المتقابلة على دين المرء ودنياه، ولا زلنا نشاهد آثارها المدمرة إلى وقتنا الحاضر - والله المستعان-.


(١) أخرجه الإمام أحمد برقم (٢٠٤٦٤)، وأبو داود في كتاب السنة باب شرح السنة برقم (٤٥٩٧)، وقال الألباني عنه حسن صحيح ينظر: صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم الحديث (٤٥٩٧)، وصحيح الترغيب والترهيب (١/ ١٢).
(٢) ينظر: دراسات في الأهواء والفرق والبدع (١/ ١٨١ - ١٨٧).

<<  <   >  >>