للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- القرآن عند المعتزلة: القرآن عندهم من جملة الدلائل، قال القاضي عبد الجبار (١): " .. الدلالة أربعة: حجة العقل، والكتاب، والسنة، والإجماع ... " (٢)، ومع ذلك فقد نصبوا العقل حاكما على النقل، وقاضيا عليه، فعزلوه عن أن يستدل به في باب معرفة الله، قال القاضي عبد الجبار: " ... ومعرفة الله لا تنال إلا بحجة العقل" (٣)، ويقول مبينا اعتقاده في القرآن -حاكيا له على لسان أهل الاعتزال-: "وأما مذهبنا في ذلك، فهو أن القرآن كلام الله تعالى، ووحيه، وهو مخلوق، محدث، أنزله الله علي نبيه، ليكون علما ودالا على نبوته، وجعله دلالة لنا على الأحكام لنرجع إليه في الحلال والحرام، ... " (٤).

- القرآن عند الأشاعرة: لا شك أن الأشاعرة يقولون بحجة القرآن الكريم، لكن جمهورهم وافقوا المعتزلة في اعتقادهم بأن الدليل النقلي لا يفيد اليقين، وقد قرر أئمة الأشعرية أن البراهين العقلية إذا صارت معارضة بالظواهر النقلية، فإنها تقدم البراهين العقلية على الظواهر النقلية؛ لأن حجية النقل -الكتاب والسنة- متوقفة على النظر العقلي، عندهم. ولا تفيد اليقين إلا إذا سلمت من عشر عوارض منها: النقل، والاشتراك، والتخصيص، والمجاز، والإضمار، والتقديم، والتأخير. وينتج من تقديم النقل على العقل، إبطال للأصل "العقل" بالفرع "النقل"، وإذا أدى إثبات الشيء إلى إبطاله، كان مناقضا لنفسه، فكان باطلا (٥).


(١) القاضي عبد الجبار، هو: عبد الجبار بن أحمد بن الخليل بن عبد الله، الهمذاني، الأسد أبادي، ولد ما بين سنتي ٣٢٠ - ٣٢٥ هـ. عاصر دولة بني بويه في العراق، وفارس، وخرسان، منذ تأسيسها حتى انهيارها، وقد ولاه الصاحب بن عباد قاضيا لقضاة الري سنة ٣٦٧ هـ، وقد تتلمذ على أساطين المعتزلة في زمانه، توفي سنة (٤١٥ هـ)، من مؤلفاته: شرح الأصول الخمسة، وتنزيه القرآن عن المطاعن، واختيارات الأدلة.
ينظر ترجمته في: تاريخ بغداد (١١/ ١١٣ - ١١٥)، ولسان الميزان (٣/ ٣٨٦)، وسير أعلام النبلاء (١٧/ ٢٤٤ - ٢٤٥)، وشذرات الذهب (٣/ ٢٠٢ - ٢٠٣)، وطبقات الشافعية (٣/ ٢١٩ - ٢٢٠)، والأعلام (٣/ ٢٧٣ - ٢٧٤).
(٢) شرح الأصول الخمسة (ص ٨٨).
(٣) شرح الأصول الخمسة (ص ٨٨).
(٤) شرح الأصول الخمسة (ص ٥٢٨).
(٥) ينظر: المواقف في علم الكلام للإيجي (١/ ٢٠٩ - ٢١١)، وأساس التقديس للرازي (ص ٢١٠ - ٢١١)، وكتاب الأربعين في أصول الدين (ص ٤٢٣ - ٤٢٦)، والمصادر العامة للتلقي (ص ١٧٢ - ١٧٣).

<<  <   >  >>