للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استقام قبلوه، وإن لم يستقم ردوه، فإن اضطروا إلى قبوله حرفوه بالتأويلات البعيدة، والمعاني المستكرهة، فحادوا عن الحق، وزاغوا عنه، ونبذوا الدين وراء ظهورهم" (١).

* وهؤلاء المبتدعة لم يبلغوا في علوم الشريعة ما يمكنهم من الاجتهاد فيها بإطلاق إما لعدم الرسوخ في معرفة كلام العرب والعلم بمقاصد الشريعة، وإما لعدم الرسوخ في العلم بقواعد الأصول التي من جهتها تستنبط الأحكام الشرعية، وإما لعدم الأمرين جميعا (٢).

* وإن جميع هذه الطوائف من المبتدعة تنزل القرآن على مذاهبها وبدعها وآرائها.

فالقرآن عند الجهمية جهمي، وعند المعتزلة معتزلي، وعند القدرية قدري، وعند الرافضة رافضي، وكذلك هو عند جميع أهل الباطل، وما كانوا أولياءه {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣٤)} الأنفال: ٣٤ (٣).

*وإن وافق أهل البدع أهل السنة والجماعة في قطعية ثبوت القرآن، فإن عامتهم لا يرون قطعية شيء من دلالة الكتاب والسنة (٤)، بل دلالتها كلها عندهم ظنية (٥).


(١) لوامع الأنوار البهية: للسفاريني (٢/ ٢٢٥).
(٢) الاعتصام (ص ٢٢٠).
(٣) ينظر شفاء العليل (١/ ٢٢٠)، وشرح الطحاوية (١/ ٢٤٤).
(٤) ذكر شيخ الإسلام بأن المعتزلة يقولون بإفادة الأدلة السمعية لليقين. ينظر: درء التعارض (٧/ ٢٧٥).
(٥) ينظر: شرح أم البراهين للسنوسي (ص ٢١٧)، حاشية الصاوي على الجلالين (٣/ ٩)، وذكر شيخ الإسلام أن التلمساني كان يقول: " القرآن كله شرك، وإنما التوحيد في كلامنا" ينظر: مجموع الفتاوى (٢/ ١٢٧، ٢٠١)، وموقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة عرضاً ونقداً لـ د. سليمان الغصن (١/ ١٤٢ - ١٤٣)، والمصادر العامة للتلقي عند الصوفية عرضا ونقدا لصادق سليم صادق (ص ١٠١) وما بعدها.

<<  <   >  >>