للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا بكرُ بنُ حَمّاد، قال: حدَّثنا مُسدَّدُ، قال: حدَّثنا يحيى - يعني القطّان - عن عُبيدِ الله بنِ عُمر، عن خُبَيب، عن حَفْصِ بنِ عاصم، عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بينَ بيتي ومِنبَري روضةٌ من رياضِ الجَنّة، ومنبَري على حوضي" (١).

قال أبو عُمر: اختلَف الناسُ في تأويلِ قولِ النبيِّ - صلي الله عليه وسلم -: "ما بينَ بيتي ومِنبَري - ورُويَ: ما بينَ قبري ومِنبَري - رَوضةٌ من رياضِ الجَنّة" (٢). فقال قوم: معناه: أنَّ البقعةَ تُرفعُ يومَ القيامةِ فتُجعلُ روضةً في الجَنّة. وقال آخرون: هذا على المجاز.

قال أبو عُمر: كأنَّهم يعْنون أنّه لمّا كان جُلُوسُه وجلوسُ الناس إليه يتعَلَّمون القرآنَ والإيمانَ والدِّينَ هناك - شَبَّهَ ذلك الموضعَ بالرَّوضة، لكريم ما يُجتَنَى فيه، وأضافَها إلى الجَنّة؛ لأنّها تقودُ إلى الجَنّة، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "الجَنّةُ تحتَ ظِلالِ السُّيُوف" (٣)؛ يعني أنّه عمَلٌ يُوصَلُ به إلى الجَنّة، وكما يقال: الأمُّ بابٌ من أبوابِ الجَنّة. يُريدُونَ أنَّ بِرَّها يُوصِلُ المسلِمَ إلى الجَنّةِ مع أداءِ فَرائضِه. وهذا جائزٌ سائغٌ مسْتَعْملٌ في لسان العرب، واللهُ أعلمُ بما أرادَ من ذلك.


(١) أخرجه البخاري (١١٩٦) و (١٨٨٨) عن مسدّد بن مسرهد، به. وأخرجه أحمد في المسند ١٥/ ٤٠٤ (٩٦٤١)، ومسلم (١٣٩١) من طريق يحيى بن سعيد القطّان، به.
(٢) أخرجه مسلم (١٣٩٠) من حديث عبّاد بن تميم، عن عبد الله بن زيد المازنيّ، وسيأتي بإسناد المصنّف من هذا الوجه مع تمام تخريجه في أثناء شرح الحديث الثالث لعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٣) أخرجه البخاري (٢٨١٨) و (٢٩٦٥) و (٣٠٢٤) ومسلم (١٧٤٢)، وأبو داود (٢٦٣١) من حديث سالم أبي النَّضْر مولى عمر بن عبيد الله، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه.
وأخرجه الطيالسي في مسنده (٥٣٢)، وأحمد في المسند ٣٢/ ٣٠٩ (١٩٥٣٨)، ومسلم (١٩٠٢)، والترمذي (١٦٥٩) من حديث أبي بكر بن عبد الله بن قيس، عن أبيه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>