للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخبرنا مَعمَرٌ، عن ابنِ طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ في حديثٍ ذكَرَه، قال: فسألَ موسى ربَّه أنْ يُدْنِيَه من الأرضِ المُقدَّسةِ رميةً بحجَر؛ يعني عندَ وَفاتِه، قال أبو هريرة: لو كنتُ ثَمَّ لأريتُكم قبرَه تحتَ (١) الطَّريقِ إلى جانبِ الكَثِيبِ الأحمر.

وذكره البخاريُّ (٢) بهذا الإسناد مرفوعًا إلى النبيِّ - صلي الله عليه وسلم - مثلَه.

قال أبو عُمر: إنَّما يُحتَجُّ بقبرِ رسولِ الله - صلي الله عليه وسلم -، وبفضائل المدينة، بما جاء فيها عن النبيِّ - صلي الله عليه وسلم - وعن أصحابِه على مَن أنكر فَضلها، وجعَلها كسائرِ بقاع الأرض؛ لأن تلك الآثارَ بيَّنتْ فَضْلَها، وأوضَحت موضِعَها وكرامَتَها. وأمّا مَن أقرَّ بفضلِها، وعَرَف لها موضعَها، وأقرَّ أنّه ليسَ على وجهِ الأرض أفضلُ بعدَ مكّة منها، فقد أنزلَها منزلَتِها، وعَرَف لها حَقَّها، واستعملَ القولَ بما جاء عن النبيِّ - صلي الله عليه وسلم - في مكّة وفيها؛ لأنَّ فضائلَ البلدانِ لا تُدْرَكُ بالقياس والاستِنباط، وإنَّما سبيلُها التَّوقيفُ، فكلٌّ يقولُ بما بلَغَه وصَحَّ عندَه غيرَ حَرِج، والآثارُ في فَضْلِ مكّةَ عن السَّلفِ أكثرُ، وفيها بيتُ الله الذي رَضيَ من عبادِه على الحطِّ لأوزارِهم بقصْدِه مرّةً في العُمُر. وقد زِدْنا هذا المعنَى بيانًا في باب زَيْدِ بنِ رباح (٣)، وذكَرْنا هنالك اختلافَ العلماءِ في ذلك، وبالله التوفيق.


= وكذا رواه في مسنده ١٣/ ٥٠٦ (٨١٧٢) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن همّام بن منبِّه، عن أبي هريرة مرفوعًا، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه البخاري بإثر الحديث (٣٤٠٧)، ومسلم (٢٣٧٢) (١٥٨) به مرفوعًا.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح ٦/ ٤٤١ بعد أن ذكر رواية همّام المرفوعة: "وهذا هو المشهور عن عبد الرزاق، وقد رفع محمد بن يحيى عنه رواية طاووس، أخرجه الإسماعيلي".
(١) في ق: "بجنب"، وفي المصنف: "إلى جنب الطريق تحت الكثيب الأحمر"، والمثبت من ك ٢ وغيرها.
(٢) في صحيحه (١٣٣٩) وذكره (٣٤٠٧) موقوفًا إلّا قوله: "لو كنت ثَمَّ لأريتكم ... ".
(٣) في الحديث الواحد له، وهو في الموطأ ١/ ٢٧٢ (٥٢٧)، وسيأتي مع تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>