وأمّا قولُه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث:"ومِنبَرِي على حَوْضي" فزعَم بعضُ أهل العلم من أهل الكلام في معاني الآثارِ أنّه أراد، والله أعلم، أنَّ له مِنبَرًا يومَ القيامةِ على حَوْضه - صلى الله عليه وسلم -؛ كأنّه قال: ولي أيضًا مِنبَرٌ على حَوضي أدْعُو الناسَ إليه، لا أنَّ مِنبرَه ذاك على حوْضِه.
وقال آخرون: يحتَمِلُ أنْ يكونَ اللهُ تباركَ وتعالى يُعيدُ ذلك المِنبرَ ويرْفَعُه بعينِه، فيكونُ يومئذٍ على حوْضِه، وبالله التوفيق.
قال أبو عُمر: الأحاديثُ في حَوضِه - صلى الله عليه وسلم - مُتواترَةٌ صحيحةٌ ثابتةٌ كثيرة، والإيمانُ بالحَوْضِ عندَ جماعةِ عُلماءِ المسلمينَ واجِبٌ، والإقرارُ به عندَ الجماعةِ لازِمٌ وقد نَفاهُ أهلُ البِدَع من الخوارج والمعتزلة، وأهلُ الحقِّ على التَّصديقِ بما جاء عنه في ذلك - صلى الله عليه وسلم -.
أخبرنا عبدُ الرحمن بنُ يحيى؛ قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيد، قال: حدَّثنا عبدُ الملكِ بنُ بَحْر، قال: حدَّثنا موسى بنُ هارون، قال: العبّاسُ بنُ الوليد، قال: قال سفيانُ بنُ عُيَيْنة: الإيمانُ قولٌ وعملٌ ونيّةٌ، والإيمانُ يزيدُ وينقُصُ، والإيمانُ بالحوْضِ والشَّفاعَةِ والدَّجّال.
قال أبو عُمر: على هذا جماعةُ المسلمينَ إلّا مَن ذكَرْنا، فإنَّهم لا يُصدِّقُونَ بالشَّفاعَة، ولا بالحَوْض، ولا بالدَّجّال، والآثارُ في الحَوْض أكثرُ من أنْ تُحصى، وأصَحُّ ما يُنقَلُ ويُروَى، ونحنُ نذكُرُ في هذا الباب ما حضَرنا ذِكرُه منها؛ لأنَّها مسألةٌ مأخوذةٌ من جهةِ الأثرِ لا يُنكرُها مَن يُرضَى قولُه ويُحمَدُ مذهَبُه، وباللّه التوفيق.
حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سُفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زُهير، قال: حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، قال: حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ مُسلم، عن حُصَيْن، عن أبي وائل، عن حُذيفة، قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ليَرِدَنَّ عليَّ الحوْضَ