للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروَى (١) ابنُ عُيَيْنة، عن ابنِ جُرَيْج، عن عطاء (٢)، عن جابر، قال: المُزابَنةُ أن يبيعَ الثَّمَرَ في رؤوسِ النَّخل بمئةِ فَرَقٍ تمرًا (٣).

فهؤلاء ثلاثةٌ من الصَّحابة قد فَسَّروا المُزابَنةَ بما تَراه، ولا مُخالِفَ لهم عَلِمْتُه، بل قد أجمعَ العُلماءُ على أنَّ ذلك مُزابَنةٌ. وكذلك أجمعوا على أنَّ كلَّ ما لا يجوزُ إلّا مِثْلًا بمِثْل، أنّه لا يجوزُ منه كيلٌ بجُزاف، ولا جُزافٌ بجُزاف؛ لأنَّ في ذلك جَهلَ المساواة، ولا يُؤمَنُ مع ذلك التَّفاضُلُ، ولم يختلِفُوا أن بيعَ الكَرْم بالزَّبيب، والرُّطَبِ بالتَّمرِ المُعلَّقِ في رؤوسِ النَّخل، والزَّرع بالحِنْطَة، مُزابَنةٌ، إلّا أنّ بعضَهم قد سَمَّى بيعَ الحِنْطةِ بالزَّرْع مُحاقلةً أيضًا. وسنذكرُ مذاهِبَهم في المحاقَلَةِ ومعانِيَهم فيها بعدَ الفراغ من القولِ في معنى المُزابنةِ عندَهم، في هذا الباب إن شاء الله.

أمّا مالكٌ رحمه الله، فمذهبُه في المُزابنةِ أنَّها بيعُ كلِّ مجهول بمعلوم من صنفِ ذلك، كائنًا ما كان، سواءٌ كان مما يجوزُ فيه التَّفاضُلُ أم لا؛ لأنَّ ذلك يصيرُ إلى باب المُخاطَرةِ والقِمار، وذلك داخلٌ عندَه في معنى المُزابَنة. وفَسَّرَ


= وإسناده عند الطبراني صحيح، عبد الواحد بن غياث: ثقة كما هو موضَّحٌ في تحرير التقريب (٤٢٤٧)، ورواه عنه يوسف بن يعقوب القاضي شيخ الطبراني قال الخطيب البغدادي في تاريخه ١٦/ ٤٥٦: ثقة.
(١) أورد ناسخ ك ٢ حديث جابر بن عبد الله في النهي عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة وقولًا لسفيان فيها من الاستذكار (١٩/ ١٥٧ - ١٥٨)، وما أثبتناه من ق.
(٢) هو ابن أبي رباح.
(٣) أخرجه الشافعي في الأمّ ٣/ ٦٣، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط ١٠/ ٧١ (٧٨٧٥)، وأبو عوانة في المستخرج ٣/ ٣٠٥ (٥٠٨٠)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٣٣ (٥٦١٤)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٣٠٧ (١٠٩٥١)، والبغويُّ في شرح السُّنة ٨٢/ ٨ (٢٠٧١) من طريق سفيان بن عيينة، به. قال البغويُّ: هذا حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>