للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذلك أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لمّا عامَلَ أهلَ خيبرَ على ما ذكَرنا قيل: خابرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أهلَ خَيبر؛ أي: عامَلَهم في أرضِ خَيبر.

وقال الشافعيُّ في قول ابنِ عُمر: كنا نُخابِرُ ولا نَرى بذلك بأسًا حتى أخبَرَنا رافعُ بنُ خَديج أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهى عنها؛ أي: كنا نُكري الأرضَ ببعض ما يخرُجُ منها. قال: وفي ذلك نَسخٌ لسُنّة خَيبر. قال: وابنُ عُمرَ روَى قصةَ خَيبر، وعَمِلَ بها حتى بلَغَه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهى بعدَ ذلك عنها.

قال أبو عُمر: أما المُحاقلةُ فمأخوذةٌ عندَ أهل اللغة من الحَقْل: وهي الأرضُ البيضاءُ المَزْروعةُ، تقول له العرب: القَراحُ والحَقْلُ. يقال: حاقَل فلانٌ فلانًا: إذا زارَعَهُ، كما يقال: خاضَرَهُ: إذا بايَعه شيئًا أخضَرَ. وقد نَهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن المُخاضَرة (١): وهي بيعُ الثمارِ قبل أن يبدوَ صلاحُها. وكذلك يقال: حاقَل فلانٌ فلانًا: إذا بايَعه زَرْعًا بحِنْطة، وحاقَلَه أيضًا: إذا أكرَى منه الأرض ببعض ما يخرُجُ منها، كما يقال: زارَعَه: إذا عامَله في زَرْع. وهذا يكونُ من اثنين في أمرين مختلفَين، مثلَ بيع الزَّرْع بالحِنْطة، واكتراءِ الأرض بالحِنْطة، لأنك لا تستطيعُ أن تشتقَّ من الاسمين جميعًا اسمًا واحدًا للمُفاعلة، وإن اشتقَقْتَ من أحدِهما للمفاعلةِ لم يُستَدلَّ على الآخر، فلم يكنْ بدّ من الاثنين. هذا كلُّه قولُ ابنِ قتيبةَ (٢) وغيره.


(١) أخرجه البخاري (٢٢٠٧) من حديث إسحاق بن أبي طلحة الأنصاري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه بلفظ: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المُحاقلةِ والمخاضرة، والمُلامَسةِ، والمُنابَذَة، والمُزابَنةِ".
وأخرجه النسائي (٣٨٨٣)، وفي الكبرى ٤/ ٣٩٩ (٤٥٩٦) من حديث أبي سلمة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المُزابنة والمُخاضرة، وقال: المُخاضرة: بيع الثمر قبل أن يزهُوَ.
(٢) في غريب الحديث له ١/ ١٩٤. =

<<  <  ج: ص:  >  >>