للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإلى هذا التَّفسير في المُحاقَلة؛ أنَّه بَيعُ الزَّرع في سُنبلِه بالحِنطةِ دونَ ما عَداه، ذهبَ اللَّيثُ بنُ سعد، والثوريُّ، والأوزاعيُّ، والحَسَنُ بنُ حيٍّ، وأبو يوسف، ومحمدٌ. وهو قولُ ابنِ عُمر، وطاووس. وبه قال أحمدُ بنُ حنبل (١). وكلُّ هؤلاءِ لا يَرونَ بأسًا أن يُعطيَ الرَّجلُ أرضَه على جُزءٍ ممّا تُخرِجُه نحوَ الثُّلُثِ والرُّبُع؛ لأنَّ المُحاقَلةَ عندَهم في مَعْنى المُزابَنة، وأنَّها في بيعِ الثَّمَرِ بالتَّمر، والحِنْطة بالزَّرع.

قالوا: ولمّا اختُلفَ في المُحاقَلةِ كان أولى ما قيل في معناها ما تأوَّلناه من بَيع الزَّرع بالحِنْطة. واحتَجُّوا على صِحَّةِ ما تأوَّلوه وذهَبوا إليه من إجازةِ كراءِ الأرضِ ببعض ما يخرُجُ منها، بقصَّةِ خَيبرَ، وأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عامَلَ أهلَها على شَطْر ما تُخرِجُه أرضُهم وثمارُهم (٢).

وقد قال أحمدُ بنُ حنبل (٣): حديث رافع بنِ خَديج في النَّهْي عن كِراءِ المَزارع مُضطَرِبُ الألفاظِ ولا يَصِحُّ، والقولُ بقصة خيبر أوْلى.

واحتَجَّ بعضُ مَن لم يُجِزْ كراءَ الأرض ببعض ما يخرُجُ منها أنَّ قصةَ خيبرَ منسوخَة بنهي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن المُخابَرة؛ لأنَّ لفظَ المُخابرةِ مأخوذٌ من خَيبر؛


(١) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ٦/ ٢٦٦٩ (١٨٧٦) و ٦/ ٢٩٢٠ (٢١٤٦)، والأوسط لابن المنذر ١٠/ ٧١، والمبسوط للسرخسي ١٢/ ١٩٣، والمقدِّمات الممهدات ٢/ ٢٢٥.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٨/ ٢٨٩، ٢٩٠ (٤٦٦٣)، والبخاري (٢٣٢٩)، ومسلم (١٥٥١)، وأبو داود (٣٤٠٨)، والترمذي (١٣٨٣)، وابن ماجة (٢٤٦٧) من حديث عبيد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. وسيأتي من هذا الوجه في أثناء شرح الحديث الثاني لربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس الزُّرقيِّ في موضعه لإسناد المصنِّف في أثناء شرح الحديث الثاني عشر لابن شهاب الزهري، عن سعيد بن السيب.
(٣) بنحو ما ذكره عنه في مسائل الإمام أحمد (رواية ابنه عبد الله) ص ٤٠٥ (١٤٥٢)، وحديث رافع بن خديج في الموطأ ٢/ ٢٤٩ (٢٠٧٣)، وهو الحديث الثاني لربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس الزُّرقيِّ، عنه رضي الله عنه، وسيأتي مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>