للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن ذلك، ولأنّه مَجْهول، ولا يجوزُ الكِراءُ، إلّا بشيءٍ معلوم. قالوا: وكِراءُ الأرضِ بالذَّهَبِ والوَرِقِ وبالعروضِ كلِّها؛ الطّعام وغيرِه ممّا يَنبتُ في الأرضِ وممّا لا يَنبُتُ فيها جائزٌ؛ كما يجوزُ كِراءُ المنازل، وإجارَةُ العبيد. هذا كلُّه قولُ الشافعيِّ ومَن تابعَه (١)، وهو قولُ أبي حنيفة (٢)، وداود، وإليه ذهبَ محمدُ بنُ عبدِ الحكم (٣).

وقال آخرون: المحاقَلةُ بيعُ الزَّرع في سُنبلِه بعدَ أن يشتدَّ ويَستَحصِدَ (٤) بالحنطة.

ذكر الشافعيُّ (٥)، عن سعيدِ بنِ سالم (٦)، عن ابنِ جُرَيْج، قال: قلتُ لعطاء: ما المُحاقلةُ؟ قال: المُحاقَلةُ في الحَرْثِ كهَيئةِ المُزابَنةِ في النَّخل سواءً، وهو بيعُ الزرع بالقمح. قال ابنُ جريج: قلتُ لعطاء: فسَّرَ لكم جابرٌ المحاقلَةَ كما أخبرتَني؟ قال: نعم.

قال أبو عُمر: وكذلك فَسَّرَ المُحاقَلةَ سعيدُ بنُ المسيِّب في حَديثه المُرْسَلِ في "الموطأ" (٧)، إلّا أنّ سعيدَ بنَ المُسيِّب جَمَع في تأويل الحديثِ الوَجهَين جميعًا، فقال: والمُحاقَلةُ اشتِراءُ الزَّرع بالحِنطَة، واستِكراءُ الأرض بالحِنْطَة.


(١) نصَّ على ذلك في الأم ٣/ ٦٣ و ٤/ ١٥، وينظر: مختصر المُزنيِّ ٨/ ٢٢٨.
(٢) نقله عن أبي حنيفة وأصحابه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ١٢٠، وقد سلف نصُّ كلامه.
(٣) ينظر: المحلّى لابن حزم ٨/ ٢١١ - ٢١٥، وبداية المجتهد لأبي الوليد محمد بن رشد ٤/ ٦ - ٧.
(٤) يعني عندما يحين وقتُ حصاده. ينظر: المصباح المنير (حصد).
(٥) في الأمّ ٣/ ٦٣، وسيأتي في أثناء شرح الحديث الحادي عشر لابن شهاب الزُّهريِّ عن سعيد بن المسيب في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٦) في المغربية والنسخ التي طبعت عنها: "ابن عيينة"، وهو خطأ، صوابه ما أثبتنا، كما أشرنا في الهامش السابق.
(٧) الموطأ ٢/ ١٤٩ (١٨٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>