للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروَى يحيى بنُ عُمرَ عن المُغيرة، أن ذلك لا يجوزُ، كقول سائرِ أصحابِ مالك. وممّن قال بالجملةِ التي قَدَّمنا عن مالكٍ وأصحابِه: ابنُ القاسم، وابنُ وَهْب، وأشْهَب، ومُطَرِّفٌ، وابنُ الماجِشُون، وابنُ عبدِ الحَكَم، وأصْبغُ، كلُّهم يقولون: لا تُكْرَى الأرضُ بشيءٍ مما يخرُجُ منها؛ أُكِلَ أو لم يُؤكلْ، ولا بشيءٍ ممّا يُؤكلُ ويُشربُ؛ خرَجَ منها أو لم يخرُجْ منها (١).

وذكرَ ابنُ حبيبٍ أنَّ ابنَ كِنانةَ كانَ يقول: لا تُكْرَى الأرضُ بشيءٍ إذا أُعِيدَ فيها نَبَتَ، ولا بأسَ أن تُكْرَى بما سِوَى ذلك من جميع الأشياء؛ ممّا يُؤكَلُ ومما لا يُؤكَلُ، خرَجَ منها أو لم يخرُجْ منها.

قال: وكان ابنُ نافع يقول: لا بأسَ أن تُكرَى الأرضُ بكُلِّ شيءٍ من طعام وغيرِه؛ خرَج منها أو لم يخرُجْ منها ما عَدا الحِنطَةَ وأخواتِها؛ فإنَّها المُحاقلةُ (٢).

وأجمعَ مالكٌ وأصحابُه كلُّهم أنَّ الأرضَ لا يجوزُ كراؤُها على بعضِ ما يخرُجُ منها ممّا يُزْرعُ فيها، ثُلُثًا كان أو رُبْعًا أو جزءًا ما كان؛ لأنه غَررٌ ومُحاقلةٌ، وقد نَهى عن ذلك كُلِّه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال جماعةٌ من أهل العلم: معنَى المُحاقَلة: دفعُ الأرض على الثُّلثِ والرُّبُع وعلى جُزءٍ ممّا يخرُجُ منها. قالوا: وهي المُخابرةُ أيضًا، فلا يجوزُ لأحدٍ أن يُعطيَ أرضَه على جُزءٍ مما يخرُجُ منها؛ لنَهي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) ينظر: المدوّنة ٣/ ٥٤٧ - ٥٤٩، والأوسط لابن المنذر ١١/ ٨٣، ومختصر اختلاف العلماء ٤/ ١٢٠، والمقدِّمات الممهدات ٢/ ٢٢٦.
قال ابن المنذر: "وممّن لم ير به بأسًا سعيدُ بن جُبير، وعكرمة والنخعيُّ إبراهيم. وبه قال الشافعيُّ وأبو ثور بعد أن يكون معلومًا ممّا يجوز فيه السَّلَمُ".
وقال الطحاوي: "قال أصحابُنا: تجوز إجارة الأرضين المزروعة بما تجوز به سائر الإجارات، وهو قولُ الشافعيِّ".
(٢) نقله عن عثمان بن عيسى بن كنانة، وعن عبد الملك بن حبيب أبو الوليد محمد بن رشد في المقدِّمات الممهدات ٢/ ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>