للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسنْهاءُ من النَّخْل: التي تَحمِلُ سنةً وتحولُ سنةً فلا تَحمِلُ، وذلك عَيْبٌ في النَّخْل، فوَصَف نخلَه أنّها ليست كذلك، ولكنّها تَحمِلُ كلَّ عام. والرُّجَّبيّةُ: هي التي تَمِيلُ لضعْفِها فتُدْعَمُ من تحتِها؛ كذا قال ابنُ قتيبةَ في كتاب "الفقه" له. قال: ثم وصَف أنّه يُعْرِيها في السِّنينَ الجوائح؛ أي: يُطْعِمُ ثمرتَها أهلَ الحاجَةِ في سِني الجَدْب والمَجاعَة، وقد كان الرجلُ منهم يُعطي ذلك أيضًا لأهلِه ولعيالِه يأكُلون ثمرتَها، فتُدْعى أيضًا عَرِيّة. فهذه كلُّها أقاويلُ أهلِ اللغةِ في العَرِيّة.

وأمّا معنى العَرايا في الشريعة، ففيه اختلافٌ بينَ أهلِ العلم على ما أصِفُه لك بعونِ الله؛ فمِن ذلك أنَّ ابنَ وهْبٍ روَى، عن عَمْرِو بنِ الحارث، عن عبدِ ربِّه بنِ سعيدٍ الأنصاريِّ، أنّه قال: العَرِيّةُ؛ الرجلُ يُعْرِي الرجلَ النَّخْلة، أو الرجلُ يُسمِّي من مالِه النَّخْلةَ أو النخلَتين ليأكُلَها فيَبِيعُها بتمر (١).

وأخبرنا أبو محمدٍ عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ عبدِ المؤمن، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بكرِ بنِ داسَة (٢)، قال: حدَّثنا أبو داود، قال (٣): حدَّثنا هَنّادٌ، عن عَبْدَة، عن ابنِ إسحاق، قال: العَرايا أن يَهَبَ الرجلُ للرجل النخَلاتِ فيشُقَّ عليه أن يقومَ عليها فيَبِيعَها بمثل خَرْصِها.

وهذا من أحسنِ ما فُسِّر به معنى العَرايا. فذهَب قومٌ إلى هذا، وجعَلوا الرُّخصةَ في بيع العَرايا بخَرْصِها وَقْفًا على الرِّفْقِ بالمُعْرَى يَبِيعُها ممّن شاء؛


(١) أخرجه سحنون في المدؤنة ٣/ ٢٨٥، وأبو داود (٣٣٦٥)، وأبو عوانة في المستخرج ٣/ ٢٩٦ (٥٠٤٨)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٣١٠ (١٠٩٧٦).
(٢) هو راوية سنن أبي داود، ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ٥/ ٣١٠ (١٠٩٧٧).
(٣) في سننه (٣٣٦٦)، وعنه أبو عوانة في المستخرج ٣/ ٢٩٧ (٥٠٤٩). هنّاد: هو ابن السَّريّ، وعبدة: هو ابن سليمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>