للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجملةُ قولِ مالكٍ وأصحابِه (١) في هذا الباب في العَرايا: أنَّ العَرِيّةَ هي أنْ يَهَبَ الرجلُ من حائطِه خَمْسةَ أوْسُقٍ فما دونَها، ثم يريدَ أن يشْتَرِيها من المُعْرَى عندَ طِيبِ الثَّمَر، فأُبِيحَ له أنْ يَشتَريَها بخَرْصِها تَمْرًا عندَ الجَداد، وإن عَجَّلَ له لم يَجُزْ، ويجوزُ أنْ يُعْرِي من حائطِه ما شاء، ولكنَّ البيعَ لا يكونُ إلّا في خَمْسةِ أوْسُقٍ فما دون. هذا جملةُ قولِه وقولِ أصحابِه.

ولا يجوزُ عندَهم البيعُ في العَرايا إلّا لوَجْهَين؛ إمّا لدَفْع ضَرورةِ دُخُولِ المُعْرَى على المُعْري، وإمّا لأن يَرفُقَ المُعْرِي المُعْرَى فيَكْفِيَه المؤْنةَ فيها، فأُرْخِص له أن يشتَرَيها منه بخرصِها تَمْرًا إلى الجَداد، ولا يجوزُ بيعُ العرِيّةِ قبلَ زَهْوِها إلا كما يجوزُ بيعُ غير العَرِلة على الجَدادِ والقَطْع، ولا يجوزُ بيعُ العَرِيّةِ وإن أزْهَتْ بخَرْصِها رُطَبًا، ولا بخَرْصِها تَمْرًا نَقْدًا، قَلَّتْ أو كَثُرَتْ وإنْ جَدَّها مكانَه، ولا تُباعُ بنِصفِ سِواها من التَّمْر، مثلَ أن تكونَ من البَرْنيِّ (٢) فتُباعَ بالعَجْوَة، ولا تُباعُ ببُسْرٍ ولا رُطَبٍ ولا تَمْرٍ مُعَيَّن، وإنّما تُباعُ بتَمْرٍ يكونُ في الذِّمّةِ إلى الجَدادِ بخَرْصِها، وما عدا وَجْهَ الرُّخْصَةِ فيها صار مُزابَنةً، ولا يكونُ البيعُ منها في أكثرَ من خمسةِ أوْسُق، إلّا أنْ يكونَ بعَيْنٍ أو عَرْضٍ غيرِ الطعام، فيجوز نقْدًا أو إلى أجَل، كسائرِ البُيوع. فإن كان طعامًا رُوعيَ فيه القَبْضُ قبلَ الافْتِراق، أو الجَدادُ قبلَ الافْتِراق (٣).

وقال ابنُ القاسم (٤): مَن أعْرَى جميعَ حائطِه، فذلكَ جائزٌ له، وله شِراءُ جميعِه وبعضِه بالخرص إذا لم يتَجاوَزِ المبيعُ خمسةَ أوْسُق.


(١) المدوّنة ٣/ ٢٨٤، والتهذيب في اختصارها للقيرواني ٣/ ٢٤٢، ٢٤٣ (٢٧٣٢ - ٢٧٣٤).
(٢) البَرْنيّ: ضربٌ من التَّمر أحمرُ مُشْرَبٌ بصُفرةٍ، كثير اللِّحاء، عذْب الحلاوة، اللسان (برن).
(٣) ينظر: المدوّنة ٣/ ٢٨٤.
(٤) كذا نقل عنه القيروانيّ في التهذيب في اختصار المدوّنة ٣/ ٢٤٣ (٢٧٣٣)، وينظر: المدوّنة ٣/ ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>