للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال (١): وتوقَّف لي مالكٌ في شِراءِ جميعِه بالخَرْصِ وإن كان خمسةَ أوْسُقٍ أو أدْنى، وبلَغَني عنه إجازَتُه، والذي سمعتُ أنا منه شراءُ بعضِه، وجائزٌ عندِي شراءُ جميعِه. قال: فإن قيل: إنه أعْرَى جميعَه، فلا يَنفي عن نفسِه بشرائِه ضَرَرًا. قيل: إلّا أنَّ ذلك إرْفاقٌ للمُعْرَى، والعَرِيّةُ تُشتَرى للإرْفاق، كما يجوزُ لمن أسْكَن رجلًا دارًا حياتَه شراءُ جميع السُّكْنى أو بعضِها، ولا يَدْفَعُ بذلك ضرَرًا.

قال سُحنونٌ: وقال كثيرٌ (٢) من أصحابِ مالك (٣): لا يجوزُ لأحدٍ أنْ يَشتَريَ بعضَ عريَّته؛ لأن النهيَ الذي من أجلِه أُرْخِص في ذلك قائمٌ بعدُ. قال: ولا يجوزُ شراءُ المُعْرِي ما (٤) أعْرَى إلّا لدفع الضَّرر. هذه جملةُ قول مالكٍ وأصحابه.

وقال ابنُ وَهْب (٥)، عن مالك: العَرِيّةُ أنْ يُعْرِي الرجلُ الرجلَ النَّخْلةَ أو النَّخلتَيْن أو أكثرَ من ذلك، سنَةً أو سنَتيْن أو ما شاء، فإذا كان التَّمرُ قد طاب قال صاحبُ النَّخْل: أنا أكفِيكُم سَقْيَها وضَمانَها، ولكم خَرْصُها تَمْرًا عندَ الجَداد. وكان ذلك منه مَعروفًا عندَ الجَداد (٦). قال: ولا أُحِبُّ أن يُجاوِزَ ذلك خمسةَ أوْسُق.

قال (٧): وتجوزُ العَرِيّةُ في كلِّ ما يَيْبَسُ ويُدَّخَرُ؛ نحوَ العِنَب (٨)، والتِّين، والزَّيتون، ولا أرَى لصاحبِ العَرِيّةِ أنْ يَبيعَها إلّا ممّن في الحائطِ إذا كانَ له ثمرٌ يَخْرُصُها تَمْرًا.


(١) كما في التهذيب في اختصار المدوّنة ٣/ ٢٤٣ (٢٧٣٣).
(٢) في التهذيب في اختصار المدوّنة ٣/ ٢٤٢: "قال بعض كبار أصحاب مالك".
(٣) كما في التهذيب في اختصار المدوّنة ٣/ ٢٤١، ٢٤٢ (٢٧٣١).
(٤) وقع في بعض النسخ: "لما" وما أثبتناه من ك، وهو الذي في التهذيب.
(٥) نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ١٢١.
(٦) في مختصر الطحاوي: "معروفًا منه كله عند الجداد".
(٧) مختصر اختلاف العلماء ٣/ ١٢١.
(٨) "العنب" لم ترد عند الطحاوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>