للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وليس للعَرِيّة عندَهم مدخلٌ في البُيوع، ولا يجوزُ لأحدٍ عندَهم أن يَشتَريَ ثَمَرَ العَرِيّةِ غيرَ المُعطِي وحدَه على الصِّفةِ المذكورة، والعَرِيّةُ عندَهم هِبَةٌ غيرُ مَقبُوضَة. واحتَجَّ بعضُهم بحديثِ مَعْمَر، عن ابنِ طاووس، عن أبي بكر بنِ محمد (١) قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يأمُرُ أصحابَ الخَرْصِ ألّا يَخْرُصوا العَرايا (٢). قال: والعَرايا أن يَمْنَحَ الرجلُ من حائطِه رجلًا نَخْلًا، ثم يَبتاعَها الذي مَنحَها إيّاه من الممنُوح بخَرْصِها. قالوا: فالعَرِيّة مِنْحَةٌ وعَطِيّةٌ لم تُقْبَضْ؛ فلذلك جاز فيها هذه الرُّخْصَة، واللهُ أعلم.

قال أبو عُمر: الآثارُ الصِّحاحُ تَشْهَدُ بأنَّ العَرايا بيعُ الثَّمَرِ بالتَّمْرِ في مِقْدارٍ مَعْلوم مُستثنًى من المَحْظورِ في ذلك على حسَبِ ما تقدَّم من الوَصْفِ في العَرايا، ومحالٌ أن يأذنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأحَدٍ في بيع ما لم يَملِك.

حدَّثنا سعيدُ بنُ نصر، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بنُ إسحاقَ القاضي، قال: حدَّثنا أبو عُبيدِ الله (٣)، قال: حدثني عبدُ الله بنُ وهب، قال: أخبرني يونسُ بنُ يزيد، عن ابنِ شهابٍ، قال: حدثني خارجةُ بنُ زيدِ بنِ ثابت، عن أبيه، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أرْخَص في بيع العَرايا بالتَّمْرِ أو الرُّطَب، كذا قال: أو الرُّطَب.

وحدَّثنا أبو محمدِ عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ عبدِ المؤمن، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بكرٍ (٤)، قال: حدَّثنا أبو داود، قال (٥): حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، قال: حدَّثنا ابنُ


(١) هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٤/ ١٢٦ (٧٢١٠).
(٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢٩ (٥٥٩٦) من طريق عبد الله بن وهب، به. إسناده حسنٌ، لأجل أبي عبيد الله، وهو أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم المصري، ابن أخي عبد الله بن وهب، فهو صدوق حسن الحديث، وينظر ما بعده.
(٤) هو ابن داسة التمّار راوي سنن أبي داود، ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ٥/ ٣١١ (١٠٩٨٤).
(٥) في سننه (٣٣٦٢). =

<<  <  ج: ص:  >  >>