للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديثَ الذي يُذكَرُ عن رافعِ بن خَدِيج؟ فقال: أكثرَ رافعٌ، ولو كانتْ لي أرضٌ أكرَيتُها.

هكذا هو في "الموطَّأ" لمالكٍ، عن أبي شهابٍ، عن سالم قولَه. ورواه جُويريةُ مرفوعًا (١). وقد روَى نافعٌ، عن ابنِ عمرَ مثلَه (٢).

ولمّا كان سالمٌ يذهبُ إلى إجازة كِراءِ الأرضِ بالذَّهب والوَرِقِ، ولم يحملْ نهيَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن كِراءِ المزراعِ على العُموم، اعترضَه ابنُ شهابٍ بحديث رافع، والقولِ بظاهرِه، فقال سالمٌ: أكثَر رافعٌ في حمْلِه الحديثَ على ظاهرِه، ومنعَه من كِرائها بالذَّهب والورِقِ؛ لأنّ المعنى عند سالمٍ وطائفةٍ منَ العلماءِ كان في النَّهيِ عن كِرائها لوُجوهٍ سنذكرُها مفسَّرةً بعد هذا إن شاءَ الله.

منها أنّه إنّما نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن كِراء الأرض؛ لأنّهم كانوا يَكْرُونها ببعض ما يخرج منها.

ومنها قولُ زيدِ بنِ ثابتٍ: أنّه أعلَمُ بذلك من رافع؛ لأنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه قومٌ قد تشاجروا وتقاتلوا في كِراء المزارعِ؛ وهذا كلُّه يدلُّ على أنْ ليس الحديثُ على ظاهرِه ولا عُمومِه، وأنه لمعنى ما قدَّمنا، قد اعتقَدَه كلُّ فريقٍ فيه، فلهذا قال سالمٌ: أكثرَ رافعٌ؛ يعني: في حمْلِ الحديثِ على ظاهرِه، واللهُ أعلمُ، أي: حَجَر ما قد وسَّعه اللهُ تعالى وتأوَّل ما يُضيِّق على الناس؛ على أنّه قد رُويَ عن رافعٍ إجازةُ كِرائها بالذَّهبِ والورِقِ وغيرِ ذلك مما يأتي بعدُ إنْ شاء الله.

أخبَرنا عبدُ الوارث بنُ سفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زهيرٍ، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ، عن أيوبَ،


(١) في الحديث السالف تخريجه قبل التعليق السابق.
(٢) سيأتي بإسناد المصنِّف مع تخريجه في أثناء هذا الشرح قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>