للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بالوَرِقِ، ولا بالعُروض (١). وبه قال أبو بكرٍ الأصَمُّ عبدُ الرحمن بنُ كيسانَ (٢)، فقال: لا يجوزُ كِراءُ الأرض بشيءٍ من الأشياءِ. قال: لأنّها إذا استُؤْجِرَتْ، وحرَثها المُستَأجِرُ وأصلَحها، لعلَّه أنْ يُحْرَقَ زرعُه، فيَرُدَّها وقد زادَتْ، فانتفَع ربُّ الأرض ولم ينتفعِ المُستَأجِرُ، فمِن هناك لم يَجُزْ لأحدٍ أنْ يَستَأجِرَها، واللهُ أعلمُ.

وقال آخرون: جائزٌ كِراءُ الأرضِ لمن شاء، ولكنْ لا يجوزُ كِراؤُها بشيءٍ من الأشياءِ إلّا بالذَّهبِ والوَرِق. وذكَروا في إباحةِ كراءِ الأرضِ ما رواه عبدُ الرحمنِ بنُ إسحاقَ، عن أبي عبيدةَ بن محمدِ بن عمارِ بن ياسر، عن الوليدِ بن أبي الوليد، عن عروةَ بن الزُّبير، قال: قال زيدُ بنُ ثابتٍ: يغفِرُ اللهُ لرافعِ بنِ خديج، أنا والله أعلمُ بالحديثِ منه، إنّما أتاه رجلانِ من الأنصار قد اقتَتلا، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن كان هذا شَأنْكم، فلا تُكْرُوا المزارعَ". فسمِع قولَه: "لا تُكروا المزارعَ". ذكَره أبو داود (٣)، عن مسدَّدٍ، عن بشرِ بن المفضَّلِ، عن عبد الرحمنِ بن إسحاقَ.

واحتَجُّوا بحديثِ طارقِ بن عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيبِ، عن رافعِ بن خديج، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنّه قال: "إنّما يزرَعُ ثلاثةٌ؛ رجلٌ له أرضٌ فهو يَزرَعُها،


(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٠٨ (٥٩٣٠) من طريق حمّاد بن زيد عن عمرو بن دينار، عنه.
(٢) هكذا وقع في النسخ، وهو وهم لا ريب فيه، فأبو بكر الأصم الفقيه المقصود ليس هو عبد الرحمن بن كيسان، بل هو عبد الله بن يزيد بن هرمز، وقيل: يزيد بن عبد الله بن هرمز، وهو ممن تفقّه عليه الإمام مالك وصحبه مدةً وحكى عنه فوائد، وله ترجمة واسعة في تاريخ الإسلام ٣/ ٤٤٨ - ٤٥١.
(٣) في سننه برقم (٣٩٩٠)، وإسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن إسحاق: وهو المدني، فهو صدوق، ولأجل أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، قال عنه ابن حجر: "مقبول" ينظر: تقريب التهذيب (٣٨٠٠) و (٨٢٣٤). وحسّن إسناده ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق ٤/ ١٩٩، والزيلعي في نصب الراية ٤/ ١٨١. مسدَّد: هو ابن مسرهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>