للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تُخرِجْ هذه شيئًا، فنهانَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأمّا بوَرِقٍ أو ذهبٍ فلم يَنهَنا. دخَل حديثُ بعضِهم في بعضٍ. قيلَ لابن عيينةَ: إنّ مالكًا يَروِي هذا الحديثَ عن ربيعةَ؟ فقال: وما يُريدُ بذلك، وما يَرجُو منه؟ يحيى بنُ سعيدٍ أحفظُ منه، وقد حفِظْناه عنه. وروايةُ الأوزاعيِّ عن ربيعةَ موافقةٌ لروايةِ يحيى بن سعيدٍ، وروايةُ مالكٍ مختصَرةٌ.

ففي هذا الحديث: أنَّ النهيَ إنّما كان مخرَجُه من أجلِ المخابرةِ وجهلِ الأُجرة، وذلك أيضًا بَيِّنٌ فيما ذكَر الحميديُّ (١)، عن ابن عيينةَ، قال: حدَّثنا عمرُو بن دينارٍ، قال: سمِعتُ عبدَ الله بنَ عمرَ يقولُ: كُنّا نُخابِرُ ولا نرَى بذلك بأسًا، حتى زعَم رافعُ بنُ خديج أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهَى عنه، فتركْنَا ذلك من أجلِ قولِه.

فقد بانَ بهذا الحديث معنى حديثِ ابنِ شهابٍ، عن سالم، عن أبيه الذي قدَّمْنا ذكرَه، وبان به أنَّ ذلك من أجلِ المخابَرةِ: وهي كِراءُ الأرضِ ببعضِ ما يَخرُجُ منها، لا خلافَ في ذلك، وقد ذكَرناه، ومضَى القولُ فيه من جهةِ اللغةِ والآثارِ بما فيه كفايةٌ.

حدَّثنا عبد الوارثِ بنُ سفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا بكرُ بنُ حمَّادٍ، قال: حدَّثنا مُسدَّدٌ، قال: حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن عمرِو بنِ دينار، قال: سمِعتُ ابنَ عمرَ يقولُ: كنّا لا نرَى بالخِبْرِ بأسًا، حتى كان عامُ أوَّلَ، فزعَم رافعٌ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهَى عنه (٢).

قالوا: والخِبرُ المخابرةُ: وهي كِراءُ الأرضِ ببعضِ ما تُخرِجُه على سُنَّةِ خيبرَ، وذلك منسوخٌ قد بان نَسْخُه بهذا الحديث وما كان مثلَه.


(١) في مسنده (٤٠٥).
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير ٤/ ٢٤١ (٤٢٥٠) من طريق مسدَّد بن مسرهد، به.
وأخرجه مسلم (١٥٤٧) (١٠٦)، والنسائي في الكبرى ٤/ ٤١٢ (٤٦٣٣)، وأبو عوانة في المستخرج ٣/ ٣١٥ (٥١٢٦)، وأبو نعيم في الحلية ٦/ ٢٦٤ من طرقٍ عن حمّاد بن زيد، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>