للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّما كان الناسُ على عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يُؤاجِرُون بها على الماذيانات (١) - جداولُ الماءِ وما يَنْبُتُ على حافَتي مسيلِ الماءِ - وأقبال الجداول (٢)، فيَهلِكُ هذا ويَسلَمُ هذا، ويَسْلَمُ هذا ويَهلِكُ هذا، ولم يكنْ للناسِ كِراءٌ إلّا هذا، فلذلك زجَر عنه - صلى الله عليه وسلم -، فأمّا شيء مَضمونٌ معلومٌ، فلا بأسَ به (٣).

قالوا: ففي هذا الحديث إجازةُ كِراءِ الأرضِ بكلِّ شيءٍ معلوم، وأنّ النهيَ عن ذلك كان لجهلِ البدلِ؛ ذكَره أبو داودَ (٤)، عن إبراهيمَ بن موسى، عن عيسى بن يونسَ، عن الأوزاعيِّ. قال أبو داود (٥): روَى اللَّيثُ عن ربيعةَ مثلَه. وقال: وروايةُ يحيى بن سعيدٍ عن حنظلةَ مثلُه.

قال أبو عمر: روَى الثوريُّ (٦)، وابنُ عيينةَ (٧)، ويزيدُ بنُ هارونَ (٨)، وغيرُهم، عن يحيى بنِ سعيدٍ الأنصاريِّ، قال: أخبَرني حنظلَةُ بنُ قيس، أنّه سمِع رافعَ بنَ خديجٍ يقولُ: كنَّا أكثرَ الأنصار، أو أكثرَ أهلِ المدينة، حَقْلًا، وكنَّا نقولُ للذي نُخابِرُه ونُكرِي منه الأرضَ: لك هذه القطعةُ ولنا هذه. فرُبّما أَخْرَجَتْ هذه،


(١) الماذيانات: جمع الماذيان: وهو أصغر من النّهر وأعظم من الجدول، فارسيٌّ معرَّب. وقيل: ما يجتمع فيه ماء السَّيل، ثم يُسقى منه الأرض (المغرب في ترتيب المعرب للمطرزي ص ٤٣٩ مادة "م ذ ن").
(٢) قوله: "وأقبال الجداول" الأقبال: الأوائل والرؤوس. والجداول: جمع جدول: وهو النهر الصغير كالساقية. اللسان مادة (قبل) و (جدل).
(٣) أخرجه مسلم (١٥٤٧) من طريق عيسى بن يونس، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، به.
(٤) في سننه (٣٣٩٢).
(٥) في الوضع نفسه، عن قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، به.
(٦) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٠٩ (٥٩٣٥) من طريق حمّاد بن يحيى عنه، وذكره في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٢٣، قال: "وروى الثوري عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن حنظلة بن قيس الزُّرقي أنه سمع رافع بن خديج" فذكره.
(٧) أخرجه البخاري (٢٣٣٢) و (٢٧٢٢)، ومسلم (١٥٤٧) (١١٧).
(٨) أخرجه مسلم (١٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>