للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رُوِي عن ابن عباس أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قضَى في بَريرةَ بأربع قضايا، وهو على نحو ما قُلنا في حديثِ عائشةَ هذا.

وحديثُ ابنِ عباسٍ حدَّثناه سعيدُ بنُ نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وضَّاح (١)، قال: حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ (٢). وأخبَرنا عُبيدُ (٣) بنُ محمَّدٍ ومحمَّدُ بنُ عبدِ الملك، قالا: حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسْرُورٍ العسَّالُ، قال: حدَّثنا عيسى بنُ مسكينٍ، قال: حدَّثنا محمَّدُ بنُ عبد الله بن سَنْجَرَ، قالا: حدَّثنا عفَّانُ، قال: حدَّثنا همَّامٌ، قال: حدَّثنا قتادةُ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ، أنَّ زوجَ بَريرةَ كان عبدًا أسودَ يُسمَّى مُغيثًا، فقضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فيها بأربع قَضِيَّاتٍ؛ وذلك أنَّ مواليَها شَرَوْها واشتَرَطُوا الولاءَ، فقضى أنَّ الولاءَ لمن أعطَى الثمَنَ، وخيَّرها، وأمَرها أن تَعتَدَّ، وتُصُدِّقَ عليها بصدقةٍ، فأهدَت منها إلى عائشةَ، فذكَرتْ ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هو لها صدقةٌ، ولنا هديَّةٌ".

فأمَّا قولُ عائشةَ رضي اللهُ عنها: "إنَّ بَريرةَ أُعتِقَت فخُيِّرت في زوجِها فكانت سُنّةً" فإنَّ من ذلك سُنّةً مُجتَمَعًا عليها، ومنها ما اختُلِف فيه.

فأمَّا المجتَمَعُ عليه الذي لا خلافَ بينَ العلماءِ فيه، فهو أنَّ الأمَةَ إذا أُعتِقَت تحتَ عبدٍ قد كانت زُوِّجت منه، فإنَّ لها الخِيارَ في البقاءِ معه أو مُفارَقَتِه، فإنِ


(١) هو محمد بن وضّاح بن بزيع. ومن طريقه أخرجه ابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة ١/ ١٦١.
(٢) في المصنَّف (٢٩٧٢٤).
وأخرجه أحمد في السند ٤/ ٣٢٧ (٢٥٤٢) عن عفّان بن مسلم الصّفار، به. وهو عند أبي داود (٢٢٣٢)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ١١/ ١٩٣ (٤٣٧٨)، وفي شرح معاني الآثار ٣/ ٨٢ بإثر (٤٦٠٣) من طرقٍ عن عفّان بن مسلم، به. ورواية بعضهم مختصرة، وإسناده صحيح. همّام: هو ابن يحيى العَوْذيّ. وقتادة: هو ابن دعامة السَّدوسيّ.
(٣) في ك ٢: "عبيد الله"، والصواب ما أثبتناه من النسخ الأخرى، وهو من شيوخ ابن عبد البر، وروايته عن عبد الله بن مسرور العسال ثابتة في مصادر ترجمته. ينظر: تاريخ ابن الفرضي ١/ ٤٣٨ وجذوة المقتبس، ص ٤٢٩ (٦٧٢) وتاريخ الإسلام ٨/ ٧١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>