للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا احتِجاجُهم بقولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لبَريرةَ: "قد مَلَكتِ نفسَكِ فاختاري" فإنَّه خطابٌ ورَد فيمن كانت تحتَ عبدٍ، فأمَّا مَن أُعتِقت تحتَ حُرٍّ، فلم تمَلِكْ بذلك نفسَها؛ لأنّه ليس هناكَ شيءٌ يُوجِبُ مِلكَها لنفسِها.

وأمَّا روايةُ الأسودِ بنِ يزيدَ، عن عائشةَ، أنَّ زوجَ بَريرةَ كان حُرًّا. فقد عارضَه عن عائشةَ مَن هو مثلُه أو فوقَه؛ وذلك القاسمُ بنُ محمَّدٍ (١) وعروةُ بنُ الزبير (٢)، روَيا عن عائشةَ أنَّ زوجَ بريرةَ كان عبدًا. والقلبُ إلى روايةِ اثنينِ أشدُّ سُكُونًا منه إلى روايةِ واحدٍ، فكيف وقد رُوِيَ عن ابن عباسٍ وابنِ عمرَ (٣)، أنَّ زوجَ بَريرةَ كان عبدًا!

حدَّثنا سعيدُ بنُ نصرٍ وعبدُ الوارثِ بنُ سفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وضَّاح (٤)، قال: حدَّثنا يُوسُفُ بنُ عديٍّ، قال: حدَّثنا


(١) سيأتي بإسناد المصنف مع تخريجه في الصفحة الآتية.
(٢) أخرجه إسحاق بن راهوية في مسنده (٧٤٧)، ومسلم (١٥٠٤) (١٣)، وأبو داود (٢٢٣٣)، والترمذي (١١٥٤)، والنسائي (٣٤٥٢)، وفي الكبرى ٥/ ٢٧٢ (٥٦١٦).
(٣) أخرجه الطبراني في الأوسط ٣/ ٢٠٢ (٢٩٢٥)، والدارقطني في السُّنن ٤/ ٤٤٧ (٣٧٦٨)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٢٢٢ (١٤٦٥٧) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع مولى ابن عمر، عنه رضي الله عنهما قال: "كان زوج بريرة عبدًا". وهو صحيح، وهذا إسناد ضعيف لأجل محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فهو ضعيف يُعتبر بحديثه كما في تحرير التقريب (٦٠٨١).
ولنافعٍ مولى ابن عمر طريق أخرى أصحُّ إسنادًا من هذه، رواها عن صفية بنت أبي عُبيد، ورواها عن نافع عبيد الله بن عمر، وهي عند النسائي في الكبرى ٥/ ٢٧٣ (٥٦١٧)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٢٢٢ (١٤٦٥٩). قال البيهقي: هذا إسناد صحيح. وقال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير ٣/ ١٧٨ بعد أن ذكر رواية ابن أبي ليلى الضعيفة: "وقد رواه البيهقي في رواية نافع عن صفية بنت أبي عبيد، وإسناده أصحُّ، وهو في النسائي أيضًا".
(٤) هو محمد بن وضّاح بن بزيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>