للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شريكٌ، عن عُبيدٍ المُكْتِب، عن أبي الطُّفَيل، عن سلمانَ، قال: أتَيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بصدقةٍ فردَّها، وأتَيتُه بهديةٍ فقبِلها (١).

وإنّما لم تَجُزْ صدقةُ التَّطَوُّع للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - واللّهُ أعلمُ؛ لأنَّ الصدقةَ لا يُثابُ عليها صاحبُها، لأنَّه يَبتغي بها الآخرةَ، وأُبِيحت له الهديةُ؛ لأنَّه يُثيبُ عليها، ولا تَلحَقُه بذلك مِنَّة.

وروَى مالكٌ (٢)، عن زيدِ بن أسلمَ، عن عطاءِ بن يسارٍ، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَحِلُّ الصدقةُ لغنِيٍّ إلّا لخمسةٍ؛ لغازٍ في سبيلِ الله، أو لعاملٍ عليها، أو لغارمٍ، أو لرجلٍ اشتراها بمالِه، أو لرجلٍ له جارٌ مسكينٌ، فتُصُدِّق على المسكين، فأهدَى المسكينُ للغنيِّ".

وهذا في معنَى حديثِ بَريرةَ سواءٌ، في قوله عليه السلام: "هو لها صدقةٌ، ولنا هديَّةٌ". وسيأتي هذا الحديثُ، ويأتي القولُ فيه، وفي إسنادِه ومعانيه، في باب زيدِ بن أسلمَ من كتابنا هذا إن شاء الله (٣).

وقولُه: "لا تَحِلُّ الصدقةُ لغنيٍّ إلّا لخمسةٍ". يريدُ الصدقةَ المفروضةَ، وأمَّا التَّطوُّعُ، فغيرُ مُحرَّمَةٍ على أحدٍ غيرِ مَن ذكَرنا، على حسَبِ ما وصَفنا في هذا


(١) أخرجه الطبراني في الكبير ٦/ ٢٢٨ (٦٠٧١) عن عليّ بن عبد العزيز البغوي، به. وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ٨ (٢٩٧٠)، والبيهقي في الدلائل ٢/ ٩٨ من طريق محمد بن سعيد الكوفي أبي جعفر الأصبهاني، به.
وهو عند أحمد في المسند ٣٩/ ١٠٨، ١٠٩ (٢٣٧٠٤) من طريق شريك بن عبد الله النَّخعي، به.
وهو متن صحيح، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ لأجل شريك بن عبد الله النخعي فهو صدوق حسن الحديث عند المتابعة، ضعيف عند التفرد (تحرير التقريب ٢٧٨٧). وباقي رجال الإسناد ثقات. عُبيد المُكتِب: هو ابن مهران الكوفي، وأبو الطّفيل: هو عامر بن واثلة الليثي.
(٢) الموطّأ ١/ ٣٦٠ (٧١٨)، وهو الحديث الخامس والثلاثون لزيد بن أسلم مرسل، وقد سلف تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.
(٣) سلف ذلك كما بيَّنّا في التعليق السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>