للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّالُّ ما ضلَّ بنفسِه. وقال: هذا غَلَطٌ لأنَّه قد رُوِيَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ الإفكِ قولُه للمسلمين: "إنَّ أُمَّكم ضلَّت قِلادَتُها" (١). فأطلَق ذلك على القِلادَة. وقال في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ضالَّةُ المؤمنِ حَرَقُ النَّار". قال: وذلك لأنَّهم أرادوها للرُّكوبِ والانتفاع بها، لا للحِفظِ على صاحبِها، فلذلك قال لهم - صلى الله عليه وسلم -: "ضالَّةُ المؤمنِ حَرَقُ النار". قال: وذلكَ بَيِّنٌ في روايةِ الحسنِ، عن مُطرِّفِ بن عبدِ الله بن الشِّخِّير، عن أبيه، قال: قَدِمنا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ألَا أحمِلُكم؟ ". قلنا: نحن نَجِدُ في الطَّريق ضوالَّ من الإبلِ نركَبُها. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ضالَّةُ المؤمنِ حَرَقُ النار" (٢).

وقال في قوله: "لا يُؤوِي الضَّالَّة إلا ضالٌّ". قال: هذا محمولٌ على أنَّه يُؤْويها لنَفسِه لا لصاحبِها، ولا يُعرِّفُها (٣).

وذكر الطحاويُّ أيضًا، عن يونسَ بنِ عبدِ الأعلَى، عن ابنِ وَهْبٍ، عن


(١) ينظر قول أبي جعفر الطحاويّ وردُّه على أبي عُبيد القاسم بن سلّام في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٤٣.
وما استشهد به من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ أُمَّكم قد ضلَّت قلادتها"، هو جزءٌ من حديث الإفك المشهور، أخرجه في شرح معاني الآثار ١/ ١١١ (٦٦٨) عن أحمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا عمّي عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود حدّثه أنه سمع عروة يُخبره عن عائشة رضي الله عنها؛ فذكره. وإسناده حسن لأجل أحمد بن عبد الرحمن: وهو ابن وهب بن مسلم القرشي، أبو عبد الله المصري، ابن أخي عبد الله بن وهب، فهو صدوق كما في تقريب التهذيب (٦٧)، وابن لهيعة هو عبد الله الممري، وإن كان ضعيفًا يُعتبر به، إلّا أن حديثه هنا صحيح لأنه من رواية عبد الله بن وهب أحد العبادلة الذين صحَّح الحفّاظ روايتهم عنه، كما أنّ روايته هنا عن أبي الأسود - وهو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي، أبو الأسود المدني المعروف بيتيم عروة - فكان يروي عنه من كتاب عنده، فروايته من الكتاب معتبرة كما نصّ على ذلك غير واحد. ينظر: تهذيب الكمال ١٥/ ٤٩٧، وتحرير التقريب (٣٥٦٣).
(٢) سلف تخريجه قبل قليل.
(٣) ينظر ما نقله عن الطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٣٣ تحت الحديث (٦٠٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>