للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمْرِو بنِ الحارثِ، عن بكرِ بنِ سوادةَ، عن أبي سالم الجَيْشَانيِّ، عن زيدِ بنِ خالدٍ الجهنيِّ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن آوَى ضالَّةً فهو ضالٌّ ما لم يُعرِّفْها" (١).

قال أبو عمر: في قولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في ضالَّةِ الغَنَم: "هي لك، أو لأخيك، أو للذِّئب". وفي ضالَّةِ الإبل: "ما لَك ولها؟ معها سِقاؤُها وحِذاؤُها، تَرِدُ الماءَ، وتأكُلُ الشجرَ حتى يَلقَاها ربُّها" دليلٌ واضحٌ على أنَّ العِلَّةَ في ذلك خوفُ التَّلَفِ والذَّهابِ، لا جنسُ الذاهبِ، فلا فَرقَ بينَ ما ضلَّ بنفسِه وبينَ ما لم يَضِلَّ بنفسِه، إذا خُشِيَ عليه التَّلَفُ، عندي، واللّهُ أعلمُ، بظاهرِ الحديثِ الصحيح في الفَرقِ بينَ ضالَّةِ الغَنم وضالَّةِ الإبل. ألَا ترَى أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حينَ سُئل عن ضالَّةِ


(١) لم يقع هذا اللفظ عند الطحاوي كما في المطبوع من شرح معاني الآثار وشرح مشكل الآثار من رواية يونس بن عبد الأعلى، إنما أخرجه من طريقين آخرين عن عمرو بن الحارث بن يعقوب المصري، بالإسناد واللفظ المذكورين.
الأول: من طريق يحيى بن أيوب الغافقي المصري، وهو في شرح المعاني ٤/ ١٣٤ (٦٠٦٢).
والثاني: من طريق عبد الله بن وَهْب المصري، وهو في شرح المعاني ٤/ ١٣٤ (٦٠٦٣)، وفي شرح المشكل ١٢/ ١٥٦ (٤٧٢٦).
وما أخرجه عن يونس بن عبد الأعلى الصَّدفي فهو عنده بإسناد وسياق مغايرين لما ذكره المصنِّف هنا، قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال: أخبرنا عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، قال: أخبرنا عمرو بن الحارث ومالك بن أنس وسفيان بن سعيد الثوري جميعًا أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حدّثهم جميعًا، عن يزيد مولى المنبعث وزيد بن خالد الجهني، أنه قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله عن اللّقطة فقال له رسول - صلى الله عليه وسلم -: "اعرف عفاصها ووكاءها، ثمّ عرِّفها سنةً، فإن جاء صاحبُها وإلّا فشأنك بها"، الحديث.
فالظاهر أن المصنِّف رحمه الله قد لفَّق إسناد حديثين في حديث واحدٍ، إلّا أن يكون هذا الحديث بالإسناد واللفظ المذكورين قد سقط من النسخ المطبوعة من شرح المشكل وشرح المعاني، - وهذا مستبعدٌ - وإن كانت رواية يونس بن عبد الأعلى كما ساقها المصنِّف عند مسلم (١٧٢٥) (١٢)، وأبي عوانة في المستخرج ٤/ ١٨٢ (٦٤٤٢)، فإنّ هذا لا يقتضي وجودها عند الطحاوي، واللّه تعالى أعلم. أبو سالم الجيشاني: هو سفيان بن هانئ المصري.

<<  <  ج: ص:  >  >>