أحمد بن حنبل:"مطرُ بن طهمان الورّاق، قد احتجَّ به مسلم بن الحجّاج، ومن يحتجُّ في كتابه بمثل أبي بكر بن أبي مريم، والحجّاج بن أرطاة، وموسى بن عبيدة، وابن لهيعة، ومحمد بن دينار الطاحيّ، وبمَن هو أضعف منهم، لا ينبغي له أن يرُدَّ رواية مطرٍ الوراق، كيف والحُجَّة عليه في أصله برواية مالك قائمة".
قلنا: توثيق الدارقطني لمطر الوراق هنا فيه نظر، فقد قال هو في التتبع (ص ٢٠٩): "ليس بالقوي"، وقد ضعّفه الأئمة: يحيى بن سعيد القطان، وأحمد بن حنبل، وابن معين، والنسائي، وأبو داود، وابن سعد، والعقيلي، وابن عدي، وشَدّد بعضهم على تضعيفه في عطاء خاصة، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: صالح الحديث، وقال البزار: ليس به بأس (تحرير التقريب ٦٦٩٩، وتهذيب الكمال ٢٨/ ٥١ - ٥٥ وتعليقنا عليه)، فمثله ومثل بشر بن السري لا يقفان أمام رواية مالك وسليمان بن بلال والدراوردي الذين رووه مرسلًا، فالمرسل هو الأصح. أما قول البيهقي واستدلاله برواية مسلم له، فإن مسلمًا، بل والبخاري، ينتقيان ما صح من أحاديث الضعفاء، وهذا ليس منها.
وذكر ابنُ عبد البر في الحديث الرابع لابن شهابٍ، عن أبي سلمةَ بنِ عبدِ الرحمن، عن أبي هريرةَ:
حدَّثنا عبدُ الوارثِ بنُ سفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدثنا ابنُ وضّاح، قال: حدَّثنا حامدُ بنُ يحيى، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيَيْنةَ، عن الزُّهريِّ، قال: أنْبأَنا أبو سلمةَ، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"مَنْ قامَ رمضانَ إيمَانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِه وما تَأخَّر، ومَنْ قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِه". هكذا قال حامدُ بنُ يحيى عنه:"قامَ رمضانَ". ولم يقل: صامَ. وزاد:"ما تَأخَّر"، وهي زيادةٌ مُنكرةٌ في حديثِ الزُّهريِّ. (٥/ ١١١).
وقد خالف الحافظُ ابن حجر في الفتح ٤/ ١١٦ ابنَ عبد البر في استنكاره هذه الزيادة، فقال: استنكره ابن عبد البر، وليس بمنكر، فقد تابعه قتيبة كما ترى، وهشام بن عمار وهو في الجزء الثاني عشر من فوائده، والحسين بن الحسن المروزي