للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): والبقرُ بمنزلةِ الغنم إذا خِيفَ عليها السِّباعُ، فإن لَمْ يُخَفْ عليها السِّباعُ فبمنزلةِ الإبل: وقال في الإبل: إذا وجدَها في فلاةٍ، فلا يَعرِضُ لها، فإن أخَذها فعرَّفَها، فلم يَجئْ صاحبُها، خلَّاها في الموضع الذي وجَدَها فيه. قال: والخيلُ، والبِغالُ، والحميرُ، يُعرِّفُها، ثم يَتصدَّقُ بثَمَنِها (٢)؛ لأنَّها لا تُؤكَلُ.

قال مالك (٣): لا تُباعُ ضَوَالُّ الإبل، ولكنْ يَرُدُّها إلى موضعِها الذي أُصيبَت فيه، وكذلك فعَل عمرُ بن الخطَّابِ رضيَ اللهُ عنه (٤).

واتَّفق قولُ مالكٍ وأصحابه: أنَّ الإمامَ إذا كان غيرَ عَدْلٍ ولا مأمونٍ، لَمْ تؤخَد ضوالُّ الإبل، وتُرِكت مكانَها، فإن كان الإمامُ عَدلًا، كان له أخذُها وتعريفُها، فإن جاء صاحبُها، وإلا ردَّها إلى المكان. هذه روايةُ ابن القاسم، عن مالكٍ (٥).

وقال أشهبُ: لا يَرُدُّها، ويبيعُها، ويُمسِكُ ثمنَها (٦)، على ما رُوِي عن عثمانَ (٧).

وقال ابنُ وهبٍ، عن مالكٍ، فيمَن وجَد شاةً أو غَنَمًا بجانبِ قريةٍ: إنَّه لا يأكُلُها حتى تَمُرَّ بها سنةٌ أو أكثرُ، فإن كان لها صُوفٌ أو لبنٌ، وكان قُرْبَه مَن


(١) كما في المدونة ٤/ ٤٥٧.
(٢) قوله: "يتصدَّق بثمنها" قال ابن القاسم: "ولم أسمعْهُ من مالكٍ" المدوّنة ٤/ ٤٥٧.
(٣) كما في المدوّنة ٤/ ٤٥٨.
(٤) أخرجه مالك في الموطّأ ٢/ ٣٠٦ (٢٢١٠) أنه سمع ابن شهاب يقول: "كانت ضوالُّ الإبل في زمان عمرَ بنِ الخطّاب إبلًا مؤبَّلةٌ تَناتَجُ، لا يمسُّها أحدٌ، حتّى إذا كان زمانُ عثمانَ بنِ عفّانَ، أمر بتعريفها، ثمّ تُباع، فإذا جاء صاحبُها، أُعطِيَ ثمنُها". وهو عند البيهقيّ من طريق يحيى بن بُكير عن مالكٍ، به.
(٥) في المدوّنة ٤/ ٤٥٨.
(٦) ينظر: شرح السُّنة للبغوي ٨/ ٣١٥.
(٧) سلف تخريجه في التعليق رقم (٤). وينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٤/ ٣٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>