للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى شُعبةُ، عن أبي هاشم (١)، عن مجاهدٍ في قولِه تعالى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} [الأنفال: ٦٨]. قال: كان في عِلْمِه أنَّهم يأخُذُونَ الغنائمَ (٢).

وروَى سالمٌ الأفطَسُ، عن سعيدِ بن جبيرٍ في قوله: {أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} [الأعراف: ٣٧]. قال: ما كُتِب لهم من الشقاءِ والسعادةِ (٣).

وعن ابن عباس في قوله: {وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ} [هود: ١٠٩]. قال: ما قُدِّرَ لهم من خيرٍ وشرٍّ (٤).

وجملةُ القول في القَدَرِ أنَّه سِرُّ الله، لا يُدرَكُ بجدالٍ ولا نظَرٍ، ولا تَشْفِي منه خُصومةٌ ولا احتجاجٌ، وحَسْبُ المؤمنِ من القَدَرِ أنْ يَعلَمَ أنَّ اللهَ لا يقومُ شيءٌ دُونَ إرادتِه، ولا يكونُ شيءٌ إلَّا بمشيئتِه، له الخلقُ والأمرُ كلُّه، لا شريكَ له، يُظاهرُ ذلك قولُه:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: ٣٠]. وقولُه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: ٤٩]. وحسبُ المؤمنِ من القدَرِ أنْ يَعلمَ أنَّ اللهَ لا يَظلِمُ مثقالَ ذرَّةٍ، ولا يُكلِّفُ نفسًا إلَّا وُسعَها، وهو الرحمنُ الرحيمُ، فمَن ردَّ على الله تعالى خبرَه في الوجهين أو في أحدِهما، كان عنادًا وكفرًا، وقد ظاهرَتِ


(١) وقع في بعض النسخ: "أبي هشام"، وهو تحريف، فهو: أبو هاشم الرمّاني الواسطي، كما في تهذيب الكمال ٣٤/ ٣٦٢، وروايته عن مجاهد بن جبر المكي نصّ عليها المزّي في تهذيب الكمال، وكذا رواية شعبة، عنه.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧٣٥ (٩١٦٧) من طريق النضر بن إسماعيل عن شعبة بن الحجّاج، به، بلفظ: "سبق لهم المغفرة".
(٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ١٢/ ٤١٠.
(٤) أخرجه سفيان الثوري في تفسيره ص ١٣٤ - ١٣٥، ومن طريقه ابن جرير الطبري في تفسيره ١٢/ ٤١٠، وابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٧٤ (٨٤٤٠) ثلاثتهم عن جابر بن يزيد الجعفي عن مجاهد بن جبر عن ابن عباس رضي الله عنهما، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>