للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُعارِضُه ما رُوِي أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في ماريةَ إذ وَلَدَتْ إبراهيمَ: "أعْتَقَها ولدُها" (١). والحججُ مُتساوِيةٌ في بيعِهِنَّ للقولين جميعًا من جهةِ النَّظَرِ، وأمَّا العملُ والاتِّباعُ، فعلَى مذهبِ عمرَ رضي اللهُ عنه.

وفي هذا الحديثِ بُرهانٌ واضحٌ على إثباتِ قِدَم العلمِ، وأنَّ الخلقَ يَجْرُون في علم الله وقدَرِه، فلا يَخرُجُ شيءٌ من خَلْقِه عن ذلك، جلّ اللهُ تعالى عمَّا يقولُ الظالمون عُلُوًّا كبيرًا.

وروَى حمادُ بنُ زيدٍ، عن داودَ بنِ أبي هندٍ، عن الشعبيِّ في قولِه: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} [القمر: ٥٢]. قال: كُتِب عليهم قبلَ أن يَعمَلوه.


= قال الحازمي في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" في سياق تعداده لأوجه الترجيح في النسخ، ص ١٦: "الوجه الخامس والعشرون: أن يكون أحد الحديثين منسوبًا إلى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نصًّا وقولًا، والآخر يُنسب إليه استدلالًا، فيكون الأوّل مرجّحًا نحو ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع أُمّهات الأولاد، وقال: لا يُبعْنَ ولا يُوهَبْنَ، ويستمتع بها سيِّدها ما بدا له، فإذا مات فهي حُرَّة، فهذا أوْلى بالعمل من الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري" فذكره، وقال: "وحديث أبي سعيد ليس فيه تنصيصٌ منه عليه الصلاة والسلام، فيحتمل أنّ مَن كان يرى هذا لَمْ يسمع من النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلافَه، فكان ذلك اجتهادًا منه، وكان تقديم ما نُسب إلى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نصًّا: أوْلى".
وقال النّووي في المجموع شرح المهذّب ٩/ ٢٤٣: "قال الخطابي وغيرُه: يحتمل أنّ بيعها كان مباحًا في أوّل الإسلام، ثمّ نهى عنه النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في آخر حياته ولم يشتهر ذلك النَّهيُ إلى زمن عمر، فلمّا بلغ عمرَ النّهيُ، نهاهم، واللّه سبحانه وتعالى أعلم".
(١) أخرجه ابن ماجة (٢٥١٦)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٥/ ٤٥٠ (٢١٣٢)، والدارقطني في السُّنن ٥/ ٢٣١ (٤٢٣٣)، والحاكم في المستدرك ٢/ ١٩، والبيهقي في الكبرى ١٠/ ٣٤٦ (٢٢٣٠٨) من طرق عن حسين بن عبد الله بن عُبيد الله بن عباس عن عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما. وإسناده ضعيف لضعف الحسين بن عبد الله بن عبيد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>