وقد نقلنا من أقوال الجهابذة ما يؤيد ما ذهب إليه، من نحو قول الإمام الترمذي:"سمعت محمدًا (يعني البخاريّ) يقول: حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت أصحُّ من حديث محمد بن فُضيل عن الأعمش؛ وحديثُ محمد بن فُضيل خطأ، أخطأ فيه محمد بن فُضيل" ثم قال الترمذيُّ: "حدَّثنا هنّاد، قال: حدَّثنا أبو أسامة، عن أبي إسحاق الفزاريّ، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: كان يُقال إنّ للصّلاة أَوّلًا وآخِرًا؛ فذكر نحو حديث محمد بن فضيل، عن الأعمش، نحوه بمعناه".
وقول الدارقطني بإثر الحديث في سننه:"هذا لا يصحُّ مسندًا، وَهِمَ في إسناده ابنُ فُضيل، وغيرُه يرويه عن الأعمش عن مجاهدٍ مرسلًا" ثم ساق بإسناده حديث الأعمش عن مجاهد بنحو اللفظ المذكور عند الترمذيّ، ثم قال:"ثمّ ذكر هذا الحديث، وهو أصحُّ من قول ابن فُضيل" ثم ساق بإسناده رواية قدامة بن زائدة وعبثر بن القاسم، كلاهما عن الأعمش عن مجاهد".
وهو عند البيهقي في الكبرى ١/ ٣٧٦ (١٨٣٣) من طريق زائدة بن قدامة عن الأعمش عن مجاهد مرسلًا.
وبنحو ما ذكره الدارقطني نقل ابن أبي حاتم في علله ٢/ ١٤٥ (٢٧٣) عن أبيه، فقال: "هذا خطأ، وَهِمَ فيه ابن فُضيل، يرويه أصحاب الأعمش عن الأعمش عن مجاهدٍ قوله".
وقال العقيلي في الضعفاء ٤/ ١١٩ عن رواية زائدة عن الأعمش: "وهذا أوْلى".
قال بشار: إلّا أنّ بعض أهل العلم من المتأخرين ردُّوا هذا القول، فصحَّحوا رواية محمد بن فضيل بن غزوان، ومنهم ابن حزم في المحلّى ٣/ ١٦٨ حيث قال: "وكذلك لم يَخْفَ علينا مَن تعلَّل في حديث أبي هريرة بأن محمد بن فُضيل أخطأ فيه، وإنما هو موقوفٌ على مجاهدٍ، وهذا أيضًا دعوى كاذبة بلا برهان، وما يَضُرُّ إسنادُ مَن أسنَدَ إيقافَ مَن أوقَفَ".