وإلى هذا ذهب ابن الجوزيّ في التحقيق في مسائل الخلاف ١/ ٢٧٩، فردَّ دعوى أن يكون ابن فضيل قد أخطأ فيه، فقال:"قلنا: ابن فُضيل ثقة، فيجوز أن يكون الأعمش قد سمعَه من مجاهد مرسلًا، وسمعه من أبي صالح مرسلًا". ومثل ذلك نقل الزيلعي في نصب الراية ١/ ٢٣١ عن ابن القطان، فقال:"وقال ابن القطان: ولا يبعدُ أن يكون عند الأعمش في هذا طريقان، إحداهما: مرسلة، والأخرى مرفوعة، والذي رفعَه صدوق من أهل العلم، وثقه ابن معين، وهو محمد بن فضيل".
قلنا: والثقة يخطئ، وحديث يعله جهابذة المحدثين المتقدمين المتقنين: البخاري، والترمذي، وابن معين، وأبو حاتم الرازي، والعقيلي، والدارقطني وغيرهم لا ينفعه تصحيح بعض المتأخرين.
وقال المؤلف في حديث عائشة رضي اللَّهُ عنها أنَّها قالت: يُغتسلُ من أربع: من الجنابةِ، والجُمُعةِ، والحِجامةِ، وغُسلِ الميِّتِ: هُو حديثٌ ليس بالقويِّ. وأنها تذهب في غسل الجمعة إلى أنه ليس بواجب، وتذكر في العلة ما ذكر ابنُ عمر. (٦/ ٥١١).
وهو حديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٤٨٦) و (٥٠٣٢) و (١١٢٥٩)، وأحمد ٤٢/ ١٠٦ (٢٥١٩٠)، وإسحاق بن راهوية (٥٤٩)، وأبو داود (٣٤٨)، والدارقطني في سننه ١/ ١١٣، والحاكم في المستدرك ١/ ١٦٣، والبيهقي في السنن الكبرى ١/ ٢٩٩ - ٣٠٠، والبغوي (٣٨٣): من طريق ابن الزبير، عن عائشة، به مرفوعًا.
فنقلنا عن أهل العلم ما يؤيد ما ذهب إليه من تضعيف هذا الحديث، حيث قال الترمذي: قال محمد (يعني: البخاري): وحديث عائشة في هذا الباب ليس بذاك. ترتيب علل الترمذي الكبير (٢٤٦). وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن الغسل من الحجامة، قلت: يروى عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الغسل من أربع، فقال: لا يصح هذا، رواه مصعب بن شيبة، وليس بقوي. قلت لأبي زرعة: لم يرو عن عائشة من غير حديث مصعب؟ قال: لا. العلل (١١٣). وأخرجه العقيلي في الضعفاء ٦/ ٢٧ في ترجمة مصعب بن شيبة باعتباره من منكراته. وقال الدارقطني، بعد أن أخرجه في