للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن سعيدِ بنِ المسيِّبِ، أنَّه كان يقول: يُنهَى أن تُنكَحَ المرأةُ على عمَّتِها، أو على خالتِها، وأن يَطأَ الرجلُ وليدةً وفي بطنِها جنينٌ لغيرِه.

واختلَف الفقهاءُ في الزوجَين إذا سُبيَا معًا؛ فقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: إذا سُبِي الحربِيَّانِ وهما زوجان معًا، فهما على النِّكَاح، وإن سُبِيَ أحدُهما قبلَ الآخر، وأُخْرِج إلى دارِ الإسلام، فقد وَقَعَتِ الفُرقة (١). وهو قولُ الثوريِّ.

وقال الأوزاعيُّ: إذا سُبيا معًا، فما كانا في المقاسمِ فهما على النِّكَاح، فإن اشتَراهما رجلٌ، فإن شاء جمَع بينَهما وإن شاء فرَّق بينَهما فاتَّخذَها لنفسِه، أو زوَّجها لغيرِه بعدَ أنْ يَسْتَبْرِئَها بحيضةٍ. وهو قولُ الليثِ بنِ سعدٍ. وقال الحسنُ بنُ حيٍّ: إذا سُبِيَتْ ذاتُ زوج، استُبْرِئَتْ بحيضتينِ، وغيرُ ذاتِ زوجٍ بحيضةٍ (٢).

وقال الشافعيُّ (٣): إذا سُبِيَتْ بانت من زوجِها، سواءٌ كان معها أو لَمْ يكنْ. قال: والسِّباءُ يَقطَعُ العِصمَةَ على كلِّ حالٍ، لأنَّ اللهَ قد أحلَّ فُرُوجَهُنَّ في الكتاب والسُّنَّةِ للذين سبَوْهُنَّ، وصِرْنَ بأيدِيهم ومِلكَ أيمانِهم. وهو قولُ مالكٍ فيما روَى ابنُ وهبٍ وابنُ عبدِ الحكم، وهو قولهُما وقولُ أشهبَ. وقال ابنُ القاسم في ذلك بمثلِ قولِ أبي حنيفةَ إذا سُبيا معًا أو مُفْتَرِقَيْن. ورواه عن مالكٍ (٤).

وكل هؤلاء يقولُ في قول الله عزَّ وجلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤]. أنَّهُنَّ السَّبايا ذواتُ الأزواج يُحِلُّهُنَّ السِّباءُ.


(١) نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٢٣٩، وينظر: المبسوط للسرخسي ٥/ ٥٢، وبدائع الصنائع للكاساني ٢/ ٣٣٩.
(٢) تنظر جملة الأقوال السابقة: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٣٣٩ - ٣٤١، والمغني لابن قدامة ٩/ ٢٦٩.
(٣) في الأُم ٤/ ٧٨٧، ٧٨٨.
(٤) المدوّنة ٢/ ٢١٦، ٢١٧. وينظر: بداية المجتهد لابن رشد ٣/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>