للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ هذا دليلٌ واضح على ذلك، وفيه تفسيرُ الآية، وهو أولَى ما قيل به في تفسيرِها. وقال ابنُ مسعودٍ، وابنُ عباس، وأُبَيُّ بنُ كعب: إنَّ معنى الآيةِ في الإماءِ ذواتِ الأزواج، وأنَّهُنَّ إذا مُلِكْنَ جاز وَطْؤُهُنَّ بملكِ اليمين، وكان بَيعُهُنَّ طلاقَهُنَّ (١). والتفسيرُ الأوَّلُ عليه جُمهورُ الفقهاء.

وقد روَى أبو علقمةَ الهاشميُّ، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، أنَّ هذه الآية، قولَه عزَّ وجلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} نزَلتْ في سَبايا أوطاسٍ (٢). وقاله الشعبيُّ (٣) وأكثرُ أهل التفسير.

حَدَّثَنَا سعيدُ بنُ نصرٍ، قال: حَدَّثَنَا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ وضَّاح، قال: حَدَّثَنَا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، قال (٤): حَدَّثَنَا عبدُ الأعلَي، عن سعيدٍ، عن قتادةَ، عن أبي الخليل، أنَّ أبا علقمةَ الهاشميَّ حدَّثه، أنَّ أبا سعيدٍ الخدريَّ حدَّثهم: أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعَث يومَ حُنينٍ سَرِيَّةً، فأصابوا أحياءً من أحياءِ العربِ يومَ أوطاسٍ، فقتَلوهم وهَزَموهم وأصابوا نساءً لَهُنَّ أزواجٌ، فكأنَّ ناسًا من أصحابِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تأثَّموا من غِشْيانِهِنَّ من أجلِ أزواجِهِنَّ، فأنزَل اللهُ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} منهنَّ، فحلالٌ لكم.


(١) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ٧/ ٢٨٥ (١٣١٦٨) و (١٣١٦٩)، وتفسير ابن جرير الطبري ٨/ ١٥٨ - ١٥٥، والأوسط لابن المنذر ٨/ ٥٩٤.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٧١٥٩)، وأحمد في المسند ١٨/ ٢٣٥ (١١٧٩٧)، ومسلم (١٤٥٦) (٣٣)، وأبو داود (٢١٥٥)، والترمذي (٣٠١٦)، والنسائي (٣٣٣٣). أبو علقمة الهاشمي: هو المصري، يقال: مولى عبد الله بن عباس. مولى بني هاشم، ويقال: حليف بني هاشم.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٧١٦٦).
(٤) في المصنَّف (١٧١٥٩)، وعنه مسلم (١٤٥٦) (٣٤)، وينظر ما سلف في التعليق قبل السابق. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى البصري. وسعيد: هو ابن أبي عروبة. وأبو الخليل: هو صالح بن أبي مريم الضُّبعي مولاهم، أبو الخليل البصريّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>