للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضّحاك (١)، قال: حَدَّثَنَا أبو مروانَ العُثْمانيُّ (٢)، قال: حَدَّثَنَا إبراهيمُ بنُ سعدِ بنِ إبراهيمَ (٣) عن ابن شهابٍ الزُّهريِّ، أن زيدَ بنَ ثابتٍ وابنَ مسعود كانا يعْزِلانِ، وكان عمرُ وابنُ عمرَ يَكْرهانِ العزْلَ.

وفي الحديث أيضًا أنَّ للرجلِ أن يَعْزِلَ عن الأمةِ بغيرِ أمْرِها، وأنَّها لا حقَّ لها في ذلك؛ لأنَّهم لَمْ يَحتاجُوا في أمْرِ العزلِ إلى أكثرَ من معرفةِ جوازِه في الشريعةِ، لَمْ يُضيفُوا إلى ذلك استِئمارَ الإماءِ ولا مُشاورتَهُنَّ، فدلَّ ذلك على جوازِ العزل عنهنَّ دونَ رأيهِنَّ. والأصولُ تَشهَدُ لصِحَّةِ هذا التأويل، والإجماعُ، والقياسُ؛ لأنَّه لما جاز له أنْ يَمْنَعَ أمتَه الوَطْءَ أصلًا، ى ن له العَزْلُ عنها أحرَى بالجواز، وهذا أمرٌ وإن كان جاء عن بعض السَّلَفِ كراهيةُ العزل، فإنَّ أكثرَهم على إباحتِه وجوازِه، وهو أمرٌ لا خلافَ فيه بينَ فقهاءِ الأمصارِ، والحمدُ للّه.

وكذلك لا خِلافَ بينَ العلماءِ أيضًا في أنَّ الحرَّةَ لا يُعْزَلُ عنها إلَّا بإذنِها؛ لأنَّ الجِماعَ من حقِّها، ولها المطالبةُ به، وليس الجِماعُ المعروفُ التَّامُّ إلَّا ألَّا يَلحَقَه العزلُ.


(١) في ق: "محمد بن الحسن بن الضحاك"، مقلوب ومحرف، وصوابه ما أثبتنا، وهو شيخ ابن يونس وشيخ ابن عدي، وهو مصري توفي سنة ٣٠٧ هـ كما في كتاب ابن زبر تاريخ مولد العلماء ووفياتهم ٢/ ٦٣٨، وتاريخ الإسلام ح ٧/ ١١٧، (ولكنه أعاده في وفيات سنة ٣٠٩: ٧/ ١٤٣)، وفتح الباب لابن مندة (٤٤٩٧)، وقد وثقه الدارقطني، كما في سؤالات السهمي، له (٣٦٩).
(٢) هو محمد بن عثمان بن خالد، أبو مروان العثماني القرشي، سكن مكة، وتوفي سنة ٢٤١ هـ (تاريخ البخاري الكبير ١/ ١٨١، وتهذيب الكمال ٢٦/ ٨١)، وهو ثقةٌ.
(٣) في جزئه (١٤١٨)، وعنه سعيد بن منصور في سننه (٢٢٢٩)، ومن طريقه - يعني طريق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف الزهري - أبو يعلى في مسنده ٢/ ٣١٦ (١٠٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>