للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبَرنا عبدُ الوارث بنُ سفيانَ، قال: حَدَّثَنَا قاسمُ بنُ أصْبَغَ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ إسماعيلَ أبو جعفرٍ الصَّائغُ، قال: حَدَّثَنَا عفَّانُ (١)، قال: حدَّثني ثابتُ بنُ يزيدَ، قال: حَدَّثَنَا عاصمٌ الأحوَلُ، عن عكرمةَ، قال: في قراءةِ أُبَيٍّ بنِ كعب: (حتى تُسَلِّموا وتستأذِنوا). قال: وتعلَّمَ منه ابنُ عباس.

وفيه أنَّ السُّنَّةَ في الاستئذانِ ثلاثُ مراتٍ، لا يُزادُ عليها. ويَحتمِلُ أن يكونَ ذلك على معنَى الإباحةِ والتَّخْفيفِ على المستأذنِ، فمَن استأْذنَ أكثرَ من ثلاثِ مراتٍ لَمْ يَحْرَجْ، واللّهُ أعلمُ.

وقال بعضُ أهلِ العلم: إنَّ الاستئذانَ ثلاثَ مراتٍ مأخوذٌ من قولِ الله عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} [النور: ٥٨]. قال: يريدُ ثلاثَ دَفَعَاتٍ، فورَد القرآنُ في المماليكِ، والصِّبيانِ، وسُنَّةُ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الجميع (٢).

قال أبو عمر: ما قالَه من هذا فإنَّه غيرُ معروفٍ عن العلماءِ في تفسيرِ الآيةِ التي نزَع بها، والذي عليه جمهورُهم في قوله فيها: {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ}؛ أي: في ثلاثةِ أوقاتٍ، يدُلُّ على صحةِ هذا القولِ ذِكْرُه فيها: {مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ}. وللكلام في هذه الآية موضِعٌ غيرُ هذا.


= قال البيهقي بعد أن رواه من طريقي شعبة بن الحجّاج وأبي بشر جعفر بن إياس: "وهذا الذي رواه شعبة واختُلف عليه في إسناده، ورواه أبو بشر واختُلف عليه في إسناده، من أخبار الآحاد، والقراءة العامّة ثَبَت نقلُها بالتواتر، فهي أوْلى، ويحتمل أن يكون ذلك القراءة الأولى ثم صارت القراءة إلى ما عليه العامّة".
وقال ابن كثير في تفسيره ١٠/ ٢٠٧: "وهذا غريب جدًّا عن ابن عباس". وينظر: فتح الباري للحافظ ابن حجر ١١/ ٨ - ٩.
(١) هو عفّان بن مسلم الصّفّار.
(٢) وهذا قاله أبو بكر الجصّاص في أحكام القرآن له ٥/ ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>