للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى منصور، عن رِبْعيِّ بنِ حِراشٍ، عن رجلٍ من بني عامرٍ، أن رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: "قل: السلامُ عليكم. أأدخُلُ؟ " (١).

وقد ذكَرَ ابنُ وَهْب، قال: أخبَرني عَمْرو بن الحارث عن أبي الزُّبير، عن عُمر مولى آل عُمر، أنه حدَّثه أنه دخَل على عبد الله بن عُمر بمكةَ، قال: وقَفْتُ على الباب فقلت: السلامُ عليكم. ثم دخَلتُ، فنَظَر في وجهي ثم قال: اخرُجْ، ثم قلت: السلامُ عليكم، أأدخُل؛ قال: ادخُل الآنَ، من أنت؟ قلت: رجلٌ من مِصر. قال: وقال ابنُ جُرَيْج: قلت لعطاءٍ: كان يقالُ: إذا استأذَن الرجلُ ولم يُسلِّمْ فلا يؤذَنُ له حتى يأتيَ بمفتاح، قلت: السلام؟ قال: نعم.

قال أبو عمر: تهذيبُ هذه الآثار كلِّها على ما جاء في حديثِ ابن عبّاس: السلامُ عليكم، أيدخُلُ عُمر؟ فمَن سلَّم ولم يقُلْ: أأدخُل أو: يَدخُلُ فلانٌ، أو قال: أدخُلُ أو يَدخُلُ فلانٌ ولم يُسلِّمْ، فليس بإذْنٍ يستحقُّ به أن يؤذَنَ له، واللّه أعلم؛ وقد أخبَرنا ابنُ عبّاس أنّ الاستئذانَ: ترَكَ العملَ به الناسُ، وأظُنُّ ذلك لقَرْع الأبوابِ اليومَ واللّهُ أعلم.

حَدَّثَنَا عبدُ الله بنُ محمد، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ بكر، قال: حَدَّثَنَا أبو داود، قال (٢):


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٦١٨٥)، وعنه أبو داود (٥١٧٧) كلاهما عن أبي الأحوص عوف بن مالك بن نضلة الجُشمي عن منصور بن المعتمر، به.
وهو عند أحمد في المسند ٣٨/ ٢٠٦، ٢٠٧ (٢٣١٢٧)، والبخاري في الأدب المفرد (١٠٨٤) من طريقين عن منصور بن المعتمر، به. وإسناده صحيح، وهو منقطع، فإن ربعي بن طراش لَمْ يسمعه من الرجل العامري، حيث جاء في رواية أخرى قوله: "نبئتُ أن رجلًا من بني عامر"، كما هو عند أبي داود بإثر الحديث رقم (٥١٧٨)، والبيهقي في الكبرى ٨/ ٣٤٠.
(٢) السنن (٥١٩٢)، وفيه قصة، وهي سؤال نفر من أهل العراق له، فكانت هذه إجابته لهم.
وقال أبو داود عقبه: "حديث عبيد الله وعطاء يفسد هذا الحديث"، يشير بذلك إلى حديث عبيد الله بن أبي زياد وعطاء عن ابن عباس، في آية الإذن {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} الآية [النور: ٥٨]، حيث قال فيها: لَمْ يُؤمَرْ بها أكثر الناس، وإني لآمر جاريتي هذه تستأذن عليّ. (سنن أبي داود: ٥١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>