للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُسْتَهلكاتِ، إلَّا زُفَرَ فإنَّه لا يُجوِّزُ التَّأْجيلَ في القَرْضِ ولا في الغَصْبِ (١). واضْطرَبَ قولُ أبي يوسُفَ في هذا الباب (٢). وقال الشافعيُّ (٣): إذا أخَّرَه بدَيْنٍ حالٍّ فله أنْ يَرجِعَ متى شاءَ، وسواءٌ كان من قَرْضٍ أو غيرِ قرضٍ، أو من أيِّ وجهٍ كان، وكذلك العارِيَّةُ وغيرُها، لأنَّ ذلك من بابِ العِدَةِ والهبةِ غيرِ المقْبُوضةِ، وهبةِ ما لَمْ يُخْلَقْ.

قال أبو عمر: في هذا الحديثِ أيضًا دليلٌ على أنْ يَقضِيَ الإنسانُ عن غيرِه بغيرِ إذْنِه، فيَبْرَأ، وأنَّ المَيِّتَ يسْقُطُ عنه ما كان عليه بقَضَاءِ من قَضى عنه، واللّهُ أعلمُ.

قال أبو عمر: أمَّا الآثارُ المُتَّصِلَةُ في معنَى حديثِ ربيعةَ هذا فحَدَّثَنَا خَلَفُ ابنُ قاسمٍ الحافظ قراءةً مِنِّي عليه، أنَّ أبا أحمدَ الحسينَ بنَ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتَ حدَّثهم، قال: حَدَّثَنَا يوسفُ بنُ يزيدَ القَراطِيسِيُّ، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ إبراهيمَ، قال: حَدَّثَنَا سفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن ابنِ المُنْكدِرِ، قال: سمِعتُ جابرَ بنَ عبدِ الله - قال سفيانُ: وحدَّثني عمرُو بنُ دينارٍ، عن محمدِ بنِ عليٍّ، عن جابر، يزيدُ أحدُهما على الآخر - قال: قال لي رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لو قدِم مالٌ من البَحرَينِ لأعْطَيْتُك هكذا، وهكذا، وهكذا". فما قدِم مالُ البحرينِ حتى قُبِضَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلمَّا قدِم مالُ البحرينِ قال أبو بكر: مَن كان له على رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَيْنٌ أو عِدَةٌ فلْيَأْتِنا. قال جابرٌ: فأتيْتُ أبا بكرٍ، فقلتُ: إنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعَدني: "إذا قدِم


(١) هذا في رواية الحسن بن زياد عن زُفر فيما ذكر الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٢٧٣.
(٢) فقال: "يصحُّ في الغَصْب، ولا يصحُّ في القرض" نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٢٧٣.
(٣) ينظر: الأمّ له ٦/ ٢٣٥، ومختصر اختلاف العلماء ٤/ ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>