للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذه الأوعيةِ مع دُرْعَتِهم إلى القولِ بما صَحَّ عندَهم من الآثارِ المسندةِ، إلَّا ما ذكَرْنا، وباللّه التوفيقُ.

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: لا بأسَ بالانتِباذِ في جميع الأواني (١). وحجَّتُهم الآثارُ التي ذُكِر فيها النَّسْخُ لما قبلَها، ورَوَوْا عن إنس أنَّه كان يُنْبَذُ له في جَرَّةٍ خَضْرَاءَ (٢). وهو أحدُ من روَى النَّهْيَ عن نَبِيذِ الجَرِّ، فدَلَّ ذلك على أنَّه مَنْسُوخٌ.

فأمَّا الآثارُ في هذا الباب، فحَدَّثَنَا خلفُ بنُ سعيدٍ، قال: حَدَّثَنَا عبدُ الله بنُ محمدٍ، قال: حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ خالدٍ، قال: حَدَّثَنَا عليُّ بنُ عبدِ العزيز، قال: حَدَّثَنَا سعيدُ بنُ منصورٍ، قال: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بنُ سليمانَ، عن محمدِ بنِ عمرٍو العُتْواريِّ، قال: حدَّثني أبي، أنَّ عبدَ الله بنَ عمرِ مرَّ به، فقال له: أين أصبحْتَ غاديًا يا أبا عبدِ الرَّحمن؟ قال: أردْتُ أبا سعيدٍ الخدريَّ. قال: فانطَلَقْتُ معه، فقال له ابنُ عمرَ: يا أبا سعيدٍ، ما حديثٌ بلَغَني عنك أنَّك تُحَدِّثُه عن رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في لحوم الأضَاحِيِّ وادِّخَارِها بعدَ ثلاثٍ، وفي زيارةِ القبورِ، وفي الأنْبِذَةِ؟ فقال أبو سعيدٍ: سمِعتُ رسولَ الله - عَزَّ وَجَلَّ - يقولُ: "نَهَيْتُكم عن لحومِ الأضاحيِّ وادِّخارِها بعدَ ثلاثٍ، فقد جاء اللهُ بالسَّعَةِ، فكُلوا، وادَّخِروا ما بدَا لكم، وكنتُ نَهَيْتُكم عن زيارةِ القبور، فإن زُرْتُموها فلا تقولوا هُجْرًا، ونهَيتُكم عن الأنبذَةِ،


(١) نقله عن أبي حنيفة وأصحابه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٦٧.
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢٢٩ (٦٥٤٨) من طريق أبي جعفر الرازي عيسى بن أبي عيسى بن ماهان عن الربيع بن أنس، قال: دخلت على أنس فرأيت نبيذه في جرَّة خضراء. وأبو جعفر الرازي صدوق سيئ الحفظ.
وأخرجه ٤/ ٢٢٩ (٦٥٤٩) من طريق حجاج بن المنهال عن حمّاد بن سلمة عن حمّاد بن أبي سليمان، قال: دخلت على أنس، فذكر نحوه. وإسناده حسن لأجل حمّاد بن أبي سليمان فهو صدوق حسن الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>